تفسير القرطبي (صفحة 6711)

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ وَعَمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ. وَقِيلَ: قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ لَمَّا لَوَّى رأسه: أمرتموني أن أو من فَقَدْ آمَنْتُ، وَأَنْ أُعْطِيَ زَكَاةَ مَالِي فَقَدْ أَعْطَيْتُ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ أَسْجُدَ لِمُحَمَّدٍ!.

[سورة المنافقون (63): آية 6]

سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (6)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يَعْنِي كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، لَا يَنْفَعُ اسْتِغْفَارُكَ شَيْئًا، لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ. نَظِيرُهُ: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ»

[البقرة 6]، سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ «2» [الشعراء: 136]. وَقَدْ تَقَدَّمَ. (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أنه يموت فاسقا.

[سورة المنافقون (63): آية 7]

هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)

ذَكَرْنَا سَبَبَ النُّزُولِ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَابْنُ أُبَيٍّ قَالَ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى يَنْفَضُّوا، حَتَّى يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ خَزَائِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَهُ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ. قَالَ رَجُلٌ لِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ: مِنْ أَيْنَ تأكل فقال: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ: خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ الْغُيُوبُ، وَخَزَائِنُ الْأَرْضِ الْقُلُوبُ، فَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَمُقَلِّبُ الْقُلُوبِ. وكان الشبلي يقول: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ. (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) أنه إذا أراد أمرا يسره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015