وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ وَعَمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ. وَقِيلَ: قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ لَمَّا لَوَّى رأسه: أمرتموني أن أو من فَقَدْ آمَنْتُ، وَأَنْ أُعْطِيَ زَكَاةَ مَالِي فَقَدْ أَعْطَيْتُ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ أَسْجُدَ لِمُحَمَّدٍ!.
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (6)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يَعْنِي كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، لَا يَنْفَعُ اسْتِغْفَارُكَ شَيْئًا، لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ. نَظِيرُهُ: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ»
[البقرة 6]، سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ «2» [الشعراء: 136]. وَقَدْ تَقَدَّمَ. (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أنه يموت فاسقا.
[سورة المنافقون (63): آية 7]
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)
ذَكَرْنَا سَبَبَ النُّزُولِ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَابْنُ أُبَيٍّ قَالَ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى يَنْفَضُّوا، حَتَّى يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ خَزَائِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَهُ، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ. قَالَ رَجُلٌ لِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ: مِنْ أَيْنَ تأكل فقال: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ: خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ الْغُيُوبُ، وَخَزَائِنُ الْأَرْضِ الْقُلُوبُ، فَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَمُقَلِّبُ الْقُلُوبِ. وكان الشبلي يقول: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ. (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) أنه إذا أراد أمرا يسره.