تفسير القرطبي (صفحة 6684)

يُؤَذَّنَ فِي السُّوقِ قَبْلَ الْمَسْجِدِ لِيَقُومَ النَّاسُ عَنْ بُيُوعِهِمْ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا أُذِّنَ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَعَلَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَذَانَيْنِ فِي المسجد. قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ زَادَ الْأَذَانَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ، وَسَمَّاهُ فِي الْحَدِيثِ ثَالِثًا لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى الْإِقَامَةِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ) يَعْنِي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ. وَيَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّهُ أَذَانٌ أَصْلِيٌّ فَجَعَلُوا الْمُؤَذِّنَيْنِ ثَلَاثَةً فَكَانَ وَهْمًا، ثُمَّ جَمَعُوهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَكَانَ وَهْمًا عَلَى وَهْمٍ. وَرَأَيْتُهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ بَعْدَ أَذَانِ الْمَنَارِ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ تَحْتَ الْمِنْبَرِ فِي جَمَاعَةٍ.، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ عِنْدَنَا فِي الدُّوَلِ الْمَاضِيَةِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ) أختلف في معنى السعي ها هنا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَوَّلُهَا: الْقَصْدُ. قَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسَعْيٍ عَلَى الْأَقْدَامِ وَلَكِنَّهُ سَعْيٌ بِالْقُلُوبِ وَالنِّيَّةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ الْعَمَلُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ (?) [الاسراء: 19]، وقوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى

(?) [الليل: 4]، وَقَوْلِهِ: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى (?) [النجم: 39]. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ زُهَيْرٌ:

سَعَى بَعْدَهُمْ قَوْمٌ لِكَيْ يُدْرِكُوهُمُ (?)

وَقَالَ أَيْضًا:

سَعَى سَاعِيًا غيظ بن مرة بعد ما ... تَبَزَّلَ مَا بَيْنَ الْعَشِيرَةِ بِالدَّمِ (?)

أَيْ فَاعْمَلُوا عَلَى الْمُضِيِّ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَاشْتَغِلُوا بِأَسْبَابِهِ مِنَ الْغُسْلِ وَالتَّطْهِيرِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّعْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ. وَذَلِكَ فَضْلٌ وليس بشرط. ففي البخاري: أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015