تفسير القرطبي (صفحة 6592)

وَالْحَسَنِ: أَنَّهَا النَّخْلُ كُلُّهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا عَجْوَةً وَلَا غَيْرَهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهَا لَوْنٌ مِنَ النَّخْلِ. وَعَنِ الثَّوْرِيِّ: أَنَّهَا كِرَامُ النَّخْلِ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: أَنَّهَا جَمِيعُ أَلْوَانِ التَّمْرِ سِوَى الْعَجْوَةِ وَالْبَرْنِيِّ (?). وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: إِنَّهَا الْعَجْوَةُ خَاصَّةً. وَذُكِرَ أَنَّ الْعَتِيقَ وَالْعَجْوَةَ كَانَتَا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّفِينَةِ. وَالْعَتِيقُ: الْفَحْلُ. وَكَانَتِ الْعَجْوَةُ أَصْلَ الْإِنَاثِ كُلِّهَا فَلِذَلِكَ شَقَّ عَلَى الْيَهُودِ قَطْعُهَا، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقِيلَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ يُقَالُ لِتَمْرِهِ: اللَّوْنُ، تَمْرُهُ أَجْوَدُ التَّمْرِ، وَهُوَ شَدِيدُ الصُّفْرَةِ، يُرَى نَوَاهُ مِنْ خَارِجِهِ وَيَغِيبُ فِيهِ الضِّرْسُ، النَّخْلَةُ مِنْهَا أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ وَصِيفٍ (?). وَقِيلَ: هِيَ النَّخْلَةُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الْأَرْضِ. وَأَنْشَدَ الْأَخْفَشُ.

قَدْ شَجَانِي الْحَمَامُ حِينَ تَغَنَّى ... بِفِرَاقِ الْأَحْبَابِ مِنْ فَوْقٍ لِينَهْ

وَقِيلَ: إِنَّ اللِّينَةَ الْفَسِيلَةُ، لِأَنَّهَا أَلْيَنُ مِنَ النَّخْلَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

غَرَسُوا لِينَهَا بِمَجْرَى مَعِينٍ ... ثُمَّ حَفُّوا النَّخِيلَ بِالْآجَامِ (?)

وَقِيلَ: إِنَّ اللِّينَةَ الْأَشْجَارُ كُلُّهَا لِلِينِهَا بِالْحَيَاةِ، قَالَ ذُو الرِّمَّةِ:

طِرَاقُ الْخَوَافِي وَاقِعٌ فَوْقَ لِينَةٍ ... نَدَى لَيْلِهِ فِي رِيشِهِ يَتَرَقْرَقُ

وَالْقَوْلُ الْعَاشِرُ- أَنَّهَا الدَّقَلُ، قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ. قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ لَا تَنْتَفِخُ الْمَوَائِدَ حَتَّى تُوجَدَ الْأَلْوَانُ، يَعْنُونَ الدَّقَلَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُمَا أَعْرَفُ بِبَلَدِهِمَا وَأَشْجَارِهِمَا. الثَّانِي- أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَعْضُدُهُ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ يُصَحِّحُونَهُ، فَإِنَّ اللِّينَةَ وَزْنُهَا لُونَةٌ، وَاعْتَلَّتْ عَلَى أُصُولِهِمْ فَآلَتْ إِلَى لِينَةٍ فَهِيَ لَوْنٌ، فَإِذَا دَخَلَتِ الْهَاءُ كُسِرَ أَوَّلُهَا، كَبَرْكِ الصَّدْرِ (بِفَتْحِ الْبَاءِ) وَبِرْكِهِ (بِكَسْرِهَا) لِأَجْلِ الْهَاءِ. وَقِيلَ لِينَةٌ أَصْلُهَا لِوْنَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَجَمْعُ اللِّينَةِ لِينٌ. وَقِيلَ: لِيَانٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ عُنُقَ فَرَسِهِ:

وَسَالِفَةٌ كَسَحُوقِ اللِّيَا ... نِ أَضْرَمَ فيها الغوي السعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015