(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) يَعْنِي مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ آخِرِهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هُمْ جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي). وقال الواحدي: أصحاب الجنة نصفان نصف مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَنِصْفٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ خصيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ). قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَ (ثُلَّةٌ) رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ خَبَرِ حَرْفِ الصِّفَةِ، وَمَجَازُهُ: لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّتَانِ: ثُلَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَثُلَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَالْأَوَّلُونَ الْأُمَمُ الْمَاضِيَةُ، وَالْآخِرُونَ هذه الامة على القول الثاني.
وَأَصْحابُ الشِّمالِ مَا أَصْحابُ الشِّمالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (45)
وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)
هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)