وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (31)
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36)
عُرُباً أَتْراباً (37) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ) رَجَعَ إِلَى ذِكْرِ مَنَازِلِ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ وَهُمُ السَّابِقُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّكْرِيرُ لِتَعْظِيمِ شَأْنِ النَّعِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) أَيْ فِي نَبْقٍ قَدْ خُضِّدَ شَوْكُهُ أَيْ قُطِعَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَيَنْفَعُنَا الْأَعْرَابُ وَمَسَائِلُهُمْ، قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا رسول الله! لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً، وَمَا كُنْتُ أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَمَا هِيَ) قَالَ: السِّدْرُ فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مُؤْذِيًا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أو ليس يَقُولُ (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) خَضَّدَ اللَّهُ شَوْكَهُ فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةً فَإِنَّهَا تُنْبِتُ ثَمَرًا يَفْتُقُ الثَّمَرُ مِنْهَا عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ مَا فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ (. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ: نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى وَجٍّ (وَهُوَ «1» وَادٍ بِالطَّائِفِ مُخَصَّبٌ) فَأَعْجَبَهُمْ سِدْرَهُ، فَقَالُوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ هَذَا، فَنَزَلَتْ. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ يَصِفُ الْجَنَّةَ:
إِنَّ الْحَدَائِقَ فِي الْجِنَانِ ظَلِيلَةٌ ... فِيهَا الْكَوَاعِبُ سِدْرُهَا مَخْضُودٌ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) وَهُوَ الْمُوقَرُ حَمْلًا. وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْخَبَرِ. سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ثَمَرُهَا أَعْظَمُ مِنَ الْقِلَالِ. وقد مضى هذا في سورة