تفسير القرطبي (صفحة 6464)

بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الْحَرْفَيْنِ. وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَكْسِرُ إِحْدَاهُمَا وَيَضُمُّ الْأُخْرَى وَيُخَيِّرُ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا رَفَعَ الْأُولَى كَسَرَ الثَّانِيَةَ وَإِذَا كَسَرَ الْأُولَى رَفَعَ الثَّانِيَةَ. وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كُنْتُ أُصَلِّي خَلْفَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ فَيَرْفَعُونَ الْمِيمَ، وَكُنْتُ أُصَلِّي خَلْفَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ فَيَكْسِرُونَهَا، فَاسْتَعْمَلَ الْكِسَائِيُّ الْأَثَرَيْنِ. وَهُمَا لُغَتَانِ طَمُثَ وَطَمِثَ مِثْلُ يَعْرُشُونَ وَيَعْكِفُونَ، فَمَنْ ضَمَّ فَلِلْجَمْعِ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، وَمَنْ كَسَرَ فَلِأَنَّهَا اللُّغَةُ السَّائِرَةُ. وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ صِفَةَ الْحُورِ الْمَقْصُورَاتِ فِي الْخِيَامِ كَصِفَةِ الْحُورِ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ. يَقُولُ: إِذَا [قُصِرْنَ «1»] كانت لهن الخيام في تلك الحال.

[سورة الرحمن (55): الآيات 76 الى 78]

مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (76) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (77) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (78)

قَوْلُهُ تَعَالَى:) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) الرَّفْرَفُ الْمَحَابِسُ «2». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرَّفْرَفُ فُضُولُ الْفُرُشِ وَالْبُسُطِ. وَعَنْهُ أَيْضًا: الرَّفْرَفُ الْمَحَابِسُ يَتَّكِئُونَ عَلَى فُضُولِهَا، وَقَالَهُ قَتَادَةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْقُرَظِيُّ: هِيَ الْبُسُطُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هِيَ الزرابي. وقال ابن كيسان: هي المرافق، وَقَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ حَاشِيَةُ الثَّوْبِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ الْخُضْرِ تُبْسَطُ. وَقِيلَ: الْفُرُشُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَقِيلَ: كُلُّ ثَوْبٍ عَرِيضٍ عِنْدَ الْعَرَبِ فَهُوَ رَفْرَفٌ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وَإِنَّا لَنَزَّالُونَ تَغْشَى نِعَالُنَا ... سَوَاقِطَ مِنْ أَصْنَافِ رَيْطٍ وَرَفْرَفِ

وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَالرَّفْرَفُ ثِيَابٌ خُضْرٌ تُتَّخَذُ مِنْهَا الْمَحَابِسٌ، الْوَاحِدَةُ رَفْرَفَةٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الرَّفْرَفُ رِيَاضُ الْجَنَّةِ، وَاشْتِقَاقُ الرفرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015