تفسير القرطبي (صفحة 6413)

وَقِيلَ: (أَشِرٌ) بَطِرٌ. وَالْأَشَرُ الْبَطَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَشِرْتُمْ بِلُبْسِ الْخَزِّ لَمَّا لَبِسْتُمُ ... وَمِنْ قَبْلُ مَا تَدْرُونَ مَنْ فَتَحَ الْقُرَى

وَقَدْ أَشِرَ بِالْكَسْرِ يَأْشَرُ أَشَرًا فَهُوَ أَشِرٌ وَأَشْرَانُ، وَقَوْمٌ أُشَارَى مِثْلُ سَكْرَانَ وَسُكَارَى، قَالَ الشَّاعِرُ (?):

وَخَلَّتْ وُعُولًا أُشَارَى بِهَا ... وَقَدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطَالَهَا

وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمُتَعَدِّي إِلَى مَنْزِلَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن حَمَّادٍ: الْأَشِرُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو قِلَابَةَ (أَشَرُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ يَعْنِي بِهِ أَشَرَّنَا وَأَخْبَثَنَا. (سَيَعْلَمُونَ غَداً) أَيْ سَيَرَوْنَ الْعَذَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ فِي حَالِ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ بِالتَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ صَالِحٍ لَهُمْ عَلَى الْخِطَابِ. الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِصَالِحٍ عنهم. وقوله: (رَغَداً) عَلَى التَّقْرِيبِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ فِي قَوْلِهِمْ لِلْعَوَاقِبِ: إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ غَدًا، قَالَ:

لِلْمَوْتِ فِيهَا سِهَامٌ غَيْرُ مُخْطِئَةٍ ... مَنْ لَمْ يَكُنْ مَيِّتًا فِي الْيَوْمِ مَاتَ غَدَا

وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:

أَلَا عَلِّلَانِي قَبْلَ نَوْحِ النَّوَائِحِ ... وَقَبْلَ اضْطِرَابِ النَّفْسِ بَيْنَ الْجَوَانِحِ

وَقَبْلَ غَدٍ يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى غَدٍ ... إِذَا رَاحَ أَصْحَابِي وَلَسْتُ بِرَائِحِ

وَإِنَّمَا أَرَادَ وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُرِدْ غَدًا بِعَيْنِهِ. (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) وَقَرَأَ أَبُو قِلَابَةَ (الْأَشَرُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَاءَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا تَكَادُ الْعَرَبُ تَتَكَلَّمُ بِالْأَشَرِّ وَالْأَخْيَرِ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، كَقَوْلِ رُؤْبَةَ:

بِلَالٌ خَيْرُ النَّاسِ وابن الأخير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015