تفسير القرطبي (صفحة 6379)

يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ وَأَنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ. (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) أَيْ إِنَّهُمْ لَمْ يُشَاهِدُوا خَلْقَهُ الْمَلَائِكَةَ، وَلَمْ يَسْمَعُوا مَا قَالُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَرَوْهُ فِي كِتَابٍ. (إِنْ يَتَّبِعُونَ) أَيْ مَا يَتَّبِعُونَ (إِلَّا الظَّنَّ) فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ. (وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً). قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْإِيمَانَ. وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. (وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ. وَقِيلَ: فِي الْوَلِيدِ. (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أَيْ إِنَّمَا يُبْصِرُونَ أَمْرَ دُنْيَاهُمْ وَيَجْهَلُونَ أَمْرَ دِينِهِمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: صَغَّرَهُمْ وَازْدَرَى بِهِمْ، أَيْ ذَلِكَ قَدْرُ عُقُولِهِمْ وَنِهَايَةُ عِلْمِهِمْ أَنْ آثَرُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: أَنْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْأَصْنَامَ بَنَاتَ اللَّهِ. (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أَيْ حَادَ عَنْ دِينِهِ (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) فيجازي كلا بأعمالهم.

[سورة النجم (53): الآيات 31 الى 32]

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (32)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَالِكُ ذَلِكَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ لِيَجْزِيَ الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ. وَقِيلَ: (لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) مُعْتَرِضٌ فِي الْكَلَامِ، وَالْمَعْنَى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى لِيَجْزِيَ. وَقِيلَ: هِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015