تفسير القرطبي (صفحة 6324)

(وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، لِأَنَّهُمْ قَالُوهُمَا جَمِيعًا. قَالَهُ الْمُؤَرِّجُ وَالْفَرَّاءُ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ جَرِيرٌ:

أَثَعْلَبَةَ الْفَوَارِسِ أَوْ رِيَاحًا ... عَدَلْتَ بِهِمْ طُهَيَّةَ وَالْخِشَابَا «1»

وَقَدْ تُوضَعُ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) «2» وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) وقد تقدم جميع هذا «3».َأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ)

لكفرهم وتوليهم عن الايمان. َنَبَذْناهُمْ)

أي طرحناهمِ ي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ)

يَعْنِي فِرْعَوْنَ، لِأَنَّهُ أَتَى ما يلام عليه.

[سورة الذاريات (51): الآيات 41 الى 42]

وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَفِي عادٍ) أَيْ وَتَرَكْنَا فِي عَادٍ آيَةً لِمَنْ تَأَمَّلَ. (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) وَهِيَ الَّتِي لَا تُلْقِحُ سَحَابًا وَلَا شَجَرًا، وَلَا رَحْمَةَ فِيهَا وَلَا بَرَكَةَ وَلَا مَنْفَعَةَ، وَمِنْهُ امْرَأَةٌ عَقِيمٌ لَا تَحْمِلُ وَلَا تَلِدُ. ثُمَّ قِيلَ: هِيَ الجنوب. روى ابن أبي ذئب عن الحرث بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الرِّيحَ الْعَقِيمَ الْجَنُوبُ وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ الدَّبُورُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ النَّكْبَاءُ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: مَسْكَنُهَا الْأَرْضُ الرَّابِعَةُ وَمَا فُتِحَ عَلَى عَادٍ مِنْهَا إِلَّا كَقَدْرِ مَنْخَرِ الثَّوْرِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّهَا الصَّبَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) أَيْ كَالشَّيْءِ الْهَشِيمِ، يُقَالُ لِلنَّبْتِ إِذَا يَبِسَ وَتَفَتَّتَ: رَمِيمٌ وَهَشِيمٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالشَّيْءِ الْهَالِكِ الْبَالِي، وَقَالَهُ مجاهد. ومنه قول الشاعر «4»:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015