تفسير القرطبي (صفحة 6252)

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَكْشِفَنَّ (?) مَسَاوِي النَّاسَ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرًا عَنْ مَسَاوِيكَا

وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إِذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا

الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ" النَّبَزُ (بِالتَّحْرِيكِ) اللَّقَبُ، وَالْجَمْعُ الْأَنْبَازُ. وَالنَّبْزُ (بِالتَّسْكِينِ) الْمَصْدَرُ، تَقُولُ: نَبَزَهُ يَنْبِزُهُ نَبْزًا، أَيْ لَقَّبَهُ. وَفُلَانٌ يُنَبِّزُ بِالصِّبْيَانِ أَيْ يُلَقِّبُهُمْ، شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَيُقَالُ النَّبَزُ وَالنَّزَبُ لَقَبُ السُّوءِ. وَتَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ: أَيْ لَقَّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي جُبَيْرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قال: كان الرجل منا يكون له الاسمين وَالثَّلَاثَةُ فَيُدْعَى بِبَعْضِهَا فَعَسَى أَنْ يَكْرَهَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ". قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَأَبُو جُبَيْرَةَ هَذَا هُوَ أَخُو ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ الْأَنْصَارِيِّ. وَأَبُو زَيْدٍ (?) سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ ثِقَةً. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فِي بَنِي سَلَمَةَ" وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ" قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا فُلَانُ فَيَقُولُونَ مَهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ". فَهَذَا قَوْلٌ. وَقَوْلٌ ثَانٍ- قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: كَانَ الرَّجُلُ يُعَيَّرُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ بِكُفْرِهِ يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ، فَنَزَلَتْ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ يَا فَاسِقُ يَا مُنَافِقُ. وَقَالَهُ مجاهد والحسن أيضا." بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ" أي بئس أن يسمى الرجل كافرا أو زانيا بعد إسلامه وتوبته، قاله ابن زيد. وقيل: المعنى أن من لقب أخاه أو سخر منه فهو فاسق. وفي الصحيح] من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه [. فمن فعل ما نهى الله عنه من السخرية والهمز والنبز فذلك فسوق، وذلك لا يجوز. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنازعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015