تفسير القرطبي (صفحة 6189)

" «1» [الروم: 47]. وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" «2».] الأحزاب: 56]. ثم قال:" هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ" «3» [الأحزاب: 43] ذكره القشيري.

[سورة الفتح (48): الآيات 6 الى 7]

وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (7)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ" أَيْ بِإِيصَالِ الْهُمُومِ إِلَيْهِمْ بِسَبَبِ عُلُوِّ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِأَنْ يُسَلِّطَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَتْلًا وَأَسْرًا وَاسْتِرْقَاقًا." الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ" يَعْنِي ظَنَّهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا أَحَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَسْتَأْصِلُونَهُمْ. كَمَا قَالَ:" بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً" [الفتح: 12]. وَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ:" السَّوْءِ" هُنَا الْفَسَادُ." عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ" فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالْأَسْرِ، وَفِي الْآخِرَةِ جَهَنَّمُ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو" دائِرَةُ السَّوْءِ" بِالضَّمِّ. وَفَتَحَ الْبَاقُونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سَاءَهُ يَسُوءُهُ سَوْءًا (بِالْفَتْحِ) وَمَسَاءَةً وَمَسَايَةً، نقيض سره، والاسم السوء (بالضم). وقرى" عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوءِ" يَعْنِي الْهَزِيمَةَ وَالشَّرَّ. وَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ مِنَ الْمَسَاءَةِ." وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً. وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً" تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ جَمِيعُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: لَمَّا جَرَى صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ: أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ إِذَا صَالَحَ أَهْلَ مَكَّةَ أَوْ فَتَحَهَا لَا يَبْقَى لَهُ عَدُوٌّ، فَأَيْنَ فَارِسُ وَالرُّومُ! فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أن جنود السموات وَالْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ فَارِسَ وَالرُّومِ. وَقِيلَ: يَدْخُلُ فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015