" أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً"" أَنْ" بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنَ" السَّاعَةَ" نحو قوله:" أَنْ تَطَؤُهُمْ" من قوله:" رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ" «1». وقرى" بَغَتَّةً" بِوَزْنِ جَرَبَّةً «2»، وَهِيَ غَرِيبَةٌ لَمْ تَرِدْ فِي الْمَصَادِرِ أُخْتُهَا،، وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو. الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَا أَخْوَفَنِي أَنْ تَكُونَ غَلْطَةً مِنَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَأَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ" بَغَتَةً" بِفَتْحِ الْغَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَشْدِيدٍ، كقراءة الحسن. وروى عن أبو جعفر الرؤاس، وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ" إِنْ تَأْتِهِمْ بَغْتَةً". قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ قَرَأَ" إِنْ تَأْتِهِمْ بَغْتَةً" كَانَ الْوَقْفُ عَلَى" السَّاعَةَ" ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الشَّرْطَ. وَمَا يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ مِنَ الشَّكِّ مَرْدُودٌ إِلَى الْخَلْقِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَكُّوا فِي مَجِيئِهَا" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها". قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ"" ذِكْراهُمْ" ابتداء و" فَأَنَّى لَهُمْ" الْخَبَرُ. وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِي" جاءَتْهُمْ" لِلسَّاعَةِ، التَّقْدِيرُ: فَمِنْ أَيْنَ لَهُمُ التَّذَكُّرُ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ، قَالَ مَعْنَاهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: فَكَيْفَ لَهُمْ بِالنَّجَاةِ إِذَا جَاءَتْهُمُ الذِّكْرَى عِنْدَ مَجِيءِ السَّاعَةِ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفِي الذِّكْرَى وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- تَذْكِيرُهُمْ بِمَا عَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. الثَّانِي- هُوَ دُعَاؤُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ تَبْشِيرًا وَتَخْوِيفًا، رَوَى أَبَانٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:] أَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ فَإِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا فُلَانُ قُمْ إِلَى نُورِكَ يَا فُلَانُ قُمْ لَا نُورَ لك [ذكره الماوردي.
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (19)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ" قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَفِيهِ- وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ عَالِمًا بِاللَّهِ- ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: يَعْنِي اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَكَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. الثَّانِي- مَا عَلِمْتَهُ اسْتِدْلَالًا فَاعْلَمْهُ خَبَرًا يَقِينًا. الثَّالِثُ- يَعْنِي فَاذْكُرْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، فعبر عن الذكر بالعلم