تفسير القرطبي (صفحة 6158)

بَيَّنَ أَحْوَالَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ تَنْبِيهًا عَلَى وُجُوبِ الْإِيمَانِ، ثُمَّ وَصَلَ هَذَا بِالنَّظَرِ، أَيْ أَلَمْ يَسْرِ هَؤُلَاءِ فِي أَرْضِ عَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَغَيْرِهِمْ لِيَعْتَبِرُوا بِهِمْ" فَيَنْظُرُوا" بِقُلُوبِهِمْ" كَيْفَ كانَ" آخِرُ أَمْرِ الْكَافِرِينَ قَبْلَهُمْ." دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَاسْتَأْصَلَهُمْ. يُقَالُ: دَمَّرَهُ تَدْمِيرًا، وَدَمَّرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى. ثُمَّ تَوَاعَدَ مُشْرِكِي مَكَّةَ فَقَالَ" وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها" أَيْ أَمْثَالَ هَذِهِ الْفَعْلَةِ، يَعْنِي التَّدْمِيرَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالطَّبَرِيُّ: الْهَاءُ تَعُودُ عَلَى الْعَاقِبَةِ، أَيْ وَلِلْكَافِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ أَمْثَالُ عَاقِبَةِ تَكْذِيبِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا.

[سورة محمد (47): آية 11]

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ (11)

أَيْ وَلِيَّهُمْ وَنَاصِرَهُمْ. وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ" ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا". فالمولى: الناصر ها هنا، قاله ابن عباس وغيره. قال:

فَغَدَتْ كِلَا الْفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ ... مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا»

قَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ يَوْمَ أُحُدٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ، إِذْ صَاحَ الْمُشْرِكُونَ: يَوْمٌ بِيَوْمٍ، لَنَا الْعُزَّى ولا عزى لكم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ [وَقَدْ تَقَدَّمَ «2»." وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ" أَيْ لَا ينصرهم أحد من الله.

[سورة محمد (47): آية 12]

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (12)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015