سُورَةُ الْقِتَالِ، وَهِيَ سُورَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ إِلَّا ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ فَإِنَّهُمَا قَالَا: إِلَّا آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَبْكِي حُزْنًا عَلَيْهِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ" وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ" «1» [محمد: 13]. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَحَكَاهُ ابْنُ هِبَةِ الله عن الضحاك وسعيد ابن جُبَيْرٍ. وَهِيَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً «2». وَقِيلَ ثَمَانٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (?)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ كَفَرُوا بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، وَصَدُّوا أَنْفُسَهُمْ وَالْمُؤْمِنِينَ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ بِنَهْيِهِمْ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ، وَقَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ:" عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" عَنْ بَيْتِ اللَّهِ بِمَنْعِ قَاصِدِيهِ. وَمَعْنَى" أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ" أَبْطَلَ كَيْدَهُمْ وَمَكْرَهُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: أَبْطَلَ مَا عَمِلُوهُ فِي كُفْرِهِمْ بِمَا كَانُوا يُسَمُّونَهُ مَكَارِمَ، مِنْ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَفَكِّ الْأُسَارَى وَقِرَى الْأَضْيَافِ وَحِفْظِ الْجِوَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْمُطْعِمِينَ بِبَدْرٍ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رجلا: أبو جهل، والحارث ابن هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُبَيٌّ وَأُمَيَّةُ ابْنَا خَلَفٍ، وَمُنَبِّهٌ وَنُبَيْهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ، وَأَبُو الْبُخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ.
[سورة محمد (47): آية 2]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (?)