تفسير القرطبي (صفحة 6103)

الْمَقْدُورُ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ." وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا" خوفوه" مُعْرِضُونَ" مولون لا هون غير مستعدين له. ويجوز أَنْ تَكُونَ" مَا" مَصْدَرِيَّةً، أَيْ عَنْ إِنْذَارِهِمْ ذلك اليوم.

[سورة الأحقاف (46): آية 4]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (4)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ" أَيْ مَا تَعْبُدُونَ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ مِنْ دُونِ اللَّهِ." أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ" أَيْ هَلْ خَلَقُوا شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ" أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ" أَيْ نَصِيبٌ" فِي السَّماواتِ" أَيْ في خلق السموات مَعَ اللَّهِ." ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا" أَيْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ". قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" أَوْ أَثَارَةٍ" بِأَلِفٍ بَعْدَ الثَّاءِ. قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:] هُوَ خَطٌّ كَانَتْ تَخُطُّهُ الْعَرَبُ فِي الْأَرْضِ [، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَمْ يَصِحْ. وَفِي مَشْهُورِ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:] كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ [وَلَمْ يَصِحْ أَيْضًا. قُلْتُ: هُوَ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَسْنَدَ النَّحَّاسُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ (يُعْرَفُ بِالْجَرَايِجِيِّ) «1» قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُنْدَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ" أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ" قَالَ] الْخَطُّ [وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جَاءَ لِإِبَاحَةِ الضَّرْبِ، لِأَنَّ بَعْضَ الأنبياء كان يفعله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015