تفسير القرطبي (صفحة 6092)

تَبَعًا لِهَوَاهُ فَيَوْمُهُ يَوْمُ سُوءٍ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِعِلْمِهِ فَيَوْمُهُ يَوْمٌ صَالِحٌ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ:

إِنَّ الْهَوَانَ هُوَ الْهَوَى قُلِبَ اسْمُهُ ... فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقَيْتَ هَوَانَا

وَسُئِلَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عَنِ الْهَوَى فَقَالَ: هوان سرقت نونه، فأخذه شام فَنَظَمَهُ وَقَالَ:

نُونُ الْهَوَانِ مِنَ الْهَوَى مَسْرُوقَةٌ ... فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقِيتَ هَوَانَا

وَقَالَ آخَرُ:

إِنَّ الْهَوَى لَهْوَ الْهَوَانُ بِعَيْنِهِ ... فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ كَسَبْتَ هَوَانَا

وَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ تَعَبَّدَكَ الْهَوَى ... فَاخْضَعْ لِحُبِّكَ كَائِنًا مَنْ كَانَا

وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ:

وَمِنَ الْبَلَايَا لِلْبَلَاءِ عَلَامَةٌ ... أَلَّا يُرَى لَكَ عَنْ هَوَاكَ نُزُوعُ

الْعَبْدُ عَبْدُ النَّفْسِ فِي شَهَوَاتِهَا ... وَالْحُرُّ يَشْبَعُ تَارَةً وَيَجُوعُ

وَلِابْنِ دُرَيْدٍ:

إِذَا طَالَبَتْكَ النَّفْسُ يَوْمًا بِشَهْوَةٍ ... وَكَانَ إِلَيْهَا لِلْخِلَافِ طَرِيقُ

فَدَعْهَا وَخَالِفْ مَا هَوِيَتْ فَإِنَّمَا ... هَوَاكَ عَدُوٌّ وَالْخِلَافُ صَدِيقُ

وَلِأَبِي عُبَيْدٍ الطُّوسِيِّ:

وَالنَّفْسُ إِنْ أَعْطَيْتَهَا مُنَاهَا ... فَاغِرَةٌ نَحْوَ هَوَاهَا فَاهَا

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: مَرَرْتُ بِرَاهِبٍ فَوَجَدْتُهُ نَحِيفًا فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ عَلِيلٌ. قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ مُذْ كَمْ؟ قَالَ: مُذْ عَرَفْتُ نَفْسِي! قُلْتُ فَتَدَاوِي؟ قَالَ: قَدْ أَعْيَانِي الدَّوَاءُ، وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْكَيِّ. قُلْتُ وَمَا الْكَيُّ؟ قَالَ: مُخَالَفَةُ الْهَوَى. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: هَوَاكَ دَاؤُكَ، فَإِنْ خَالَفْتَهُ فَدَوَاؤُكَ. وَقَالَ وَهْبٌ: إِذَا شَكَكْتَ فِي أَمْرَيْنِ وَلَمْ تَدْرِ خَيْرَهُمَا فَانْظُرْ أَبْعَدَهُمَا مِنْ هَوَاكَ فَأْتِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015