عَلَى الْقَطْعِ مِمَّا قَبْلَهُ فَيُرْفَعُ بِالِابْتِدَاءِ، وَمَا قَبْلُهُ خَبَرُهُ، وَيَكُونُ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ. وحكى الفراء رفع" اختلاف" وَ" آياتٌ" جَمِيعًا، وَجَعَلَ الِاخْتِلَافَ هُوَ الْآيَاتُ.
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" تِلْكَ آياتُ اللَّهِ" أَيْ هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ، أَيْ حُجَجُهُ وَبَرَاهِينُهُ الدَّالَّةُ عَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَقُدْرَتِهِ." نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ" أَيْ بِالصِّدْقِ الَّذِي لَا باطل ولا كذب فيه. وقرى" يتلوها" بالياء." فبأي حديث بعد اللَّهِ «1» " وَقِيلَ بَعْدَ قُرْآنِهِ" وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ" وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ" تُؤْمِنُونَ" بالتاء على الخطاب.
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (8)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ"" وَيْلٌ" وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. تَوَعَّدَ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِدْلَالَ بِآيَاتِهِ. وَالْأَفَّاكُ: الْكَذَّابُ. وَالْإِفْكُ الْكَذِبُ. (أَثِيمٍ) أَيْ مُرْتَكِبٌ لِلْإِثْمِ. وَالْمُرَادُ فِيمَا رَوَى النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْحَارِثُ بْنُ كَلْدَةَ. وَحَكَى الثَّعْلَبِيُّ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابُهُ." يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ" يَعْنِي آيَاتِ الْقُرْآنِ." ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً" أَيْ يَتَمَادَى عَلَى كُفْرِهِ مُتَعَظِّمًا فِي نَفْسِهِ عَنِ الِانْقِيَادِ، مَأْخُوذٌ مِنْ صَرَّ الصُّرَّةَ إِذَا شَدَّهَا. قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنْ إِصْرَارِ الْحِمَارِ عَلَى الْعَانَةِ «2»، وَهُوَ أَنْ يَنْحَنِيَ عَلَيْهَا صَارًّا أُذُنَيْهِ. وَ" أَنْ" مِنْ" كَأَنْ" مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا، وَالضَّمِيرُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ:
كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم «3»