تفسير القرطبي (صفحة 6074)

ذكر للتشبيه. و" الْأَثِيمِ" الآثم، من أثم يأثم إثما، قاله الْقُشَيْرِيُّ وَابْنُ عِيسَى. وَقِيلَ هُوَ الْمُشْرِكُ الْمُكْتَسِبُ لِلْإِثْمِ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: وقد أَثِمَ الرَّجُلُ (بِالْكَسْرِ) إِثْمًا وَمَأْثَمًا إِذَا وَقَعَ في الإثم، فهو آثم وأثيم أَيْضًا. فَمَعْنَى" طَعامُ الْأَثِيمِ" أَيْ ذِي الْإِثْمِ الْفَاجِرِ، «1» وَهُوَ أَبُو جَهْلٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: يَعِدُنَا مُحَمَّدٌ أَنَّ فِي جَهَنَّمَ الزَّقُّومَ، وَإِنَّمَا هُوَ الثَّرِيدُ بِالزُّبْدِ وَالتَّمْرُ، فَبَيَّنَ اللَّهُ خِلَافَ مَا قَالَهُ. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ أَبُو جَهْلٍ. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ فِي سُورَةِ" الصَّافَّاتِ وَسُبْحَانَ" «2» أيضا.

[سورة الدخان (44): الآيات 47 الى 48]

خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (48)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" خُذُوهُ" أَيْ يُقَالُ لِلزَّبَانِيَةِ خُذُوهُ، يَعْنِي الْأَثِيمَ." فَاعْتِلُوهُ" أَيْ جُرُّوهُ وَسُوقُوهُ. وَالْعَتْلُ: أَنْ تَأْخُذَ بِتَلَابِيبِ الرَّجُلِ فَتَعْتِلُهُ، أَيْ تَجُرُّهُ إِلَيْكَ لِتَذْهَبَ بِهِ إِلَى حَبْسٍ أَوْ بَلِيَّةٍ. عَتَلْتُ الرَّجُلَ أَعْتِلُهُ وَأَعْتُلُهُ عَتْلًا إِذَا جَذَبْتُهُ جَذْبًا عَنِيفًا. وَرَجُلٌ، مِعْتَلٌ (بِالْكَسْرِ). وَقَالَ يَصِفُ فَرَسًا:

نَفْرَعُهُ فَرْعًا وَلَسْنَا نَعْتِلُهُ «3»

وَفِيهِ لُغَتَانِ: عَتَلَهُ وَعَتَنَهُ (بِاللَّامِ وَالنُّونِ جَمِيعًا)، قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو عَمْرٍو" فَاعْتِلُوهُ" بِالْكَسْرِ. وَضَمَّ الْبَاقُونَ." إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ" وَسَطَ الْجَحِيمِ." ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ" قَالَ مُقَاتِلٌ: يَضْرِبُ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ ضَرْبَةً عَلَى رَأْسِ أَبِي جَهْلٍ بِمَقْمَعٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَتَفَتَّتُ رَأْسُهُ عن دماغه، فيجري دماغه عل جسده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015