قوله تعالى:" وَنادَوْا يا مالِكُ" وَهُوَ خَازِنُ جَهَنَّمَ، خَلَقَهُ لِغَضَبِهِ، إِذَا زَجَرَ النَّارَ زَجْرَةً أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" وَنَادَوْا يَا مَالِ" وَذَلِكَ خِلَافُ الْمُصْحَفِ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ مَسْعُودٍ: قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَنَادَوْا يَا مَالِ" بِاللَّامِ خَاصَّةً، يَعْنِي رَخَّمَ الِاسْمَ وَحَذَفَ الْكَافَ. وَالتَّرْخِيمُ الْحَذْفُ، وَمِنْهُ تَرْخِيمُ الِاسْمِ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ آخِرِهِ حَرْفٌ أَوْ أَكْثَرُ، فَتَقُولُ فِي مَالِكٍ: يَا مَالِ، وَفِي حَارِثٍ: يَا حَارِ، وَفِي فَاطِمَةَ: يَا فَاطِمَ، وَفِي عَائِشَةَ: يَا عَائِشَ وَفِي مَرْوَانَ: يَا مَرْوَ، وَهَكَذَا. قَالَ:
يَا حَارِ لَا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍ ... لَمْ يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي وَلَا مَلِكُ (?)
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَحَارِ تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ ... كَلَمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ (?)
وَقَالَ أَيْضًا:
أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ ... وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أزمعت صرمي فأجمل (?)
وَقَالَ آخَرُ: (?)
يَا مَرْوَ إِنَّ مَطِيَّتِي مَحْبُوسَةٌ ... تَرْجُو الْحِبَاءَ وَرَبُّهَا لَمْ يَيْأَسْ
وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ (أَيْ فُلُ، هَلُمَّ). وَلَكَ فِي آخِرِ الِاسْمِ الْمُرَخَّمِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنْ تُبْقِيَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَذْفِ. وَالْآخَرُ- أَنْ تَبْنِيَهُ عَلَى الضَّمِّ، مِثْلُ: يَا زَيْدُ، كَأَنَّكَ أَنْزَلْتَهُ مَنْزِلَتَهُ وَلَمْ تُرَاعِ الْمَحْذُوفَ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ سَعْدَانَ- قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بن