الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
قَالَ الزَّجَّاجُ:" الَّذِينَ" نُصِبَ عَلَى النَّعْتِ لِ" عِبادِي" لِأَنَّ" عِبادِي" مُنَادَى مُضَافٌ. وَقِيلَ:" الَّذِينَ آمَنُوا" [خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَوِ «1» [ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا أَوِ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَالُ لَهُمُ" ادْخُلُوا الجنة". قرأ أَبُو بَكْرٍ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ" يَا عِبَادِيَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِثْبَاتِهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَلِذَلِكَ أَثْبَتَهَا نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَرُوَيْسٌ سَاكِنَةً فِي الْحَالَيْنِ. وَحَذَفَهَا الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مُثْبَتَةٌ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ لَا غَيْرَ." ادْخُلُوا الْجَنَّةَ". أَيْ يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، أَوْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ." أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ" الْمُسْلِمَاتُ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: قُرَنَاؤُكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: زَوْجَاتُكُمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ." تُحْبَرُونَ" تُكْرَمُونَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْكَرَامَةُ فِي الْمَنْزِلَةِ. الْحَسَنُ: تَفْرَحُونَ، وَالْفَرَحُ فِي القلب. قتادة: تنعمون، وَالنَّعِيمُ فِي الْبَدَنِ. مُجَاهِدٌ: تُسَرُّونَ، وَالسُّرُورُ فِي العين. ابن أبي نجيح: تعجبون، والعجب ها هنا دَرْكُ مَا يُسْتَطْرَفُ. يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: هُوَ التَّلَذُّذُ بِالسَّمَاعِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي" الروم" «2».
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ" أَيْ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَطْعِمَةٌ وَأَشْرِبَةٌ يُطَافُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي صِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَطْعِمَةَ وَالْأَشْرِبَةَ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِطَافَةِ بِالصِّحَافِ وَالْأَكْوَابِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يكون فيها شي. وَذَكَرَ الذَّهَبَ فِي الصِّحَافِ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنِ الإعادة في الأكواب، كقوله تعالى: