فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ" بِالْقَحْطِ وَالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ" فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" آخِرُ أَمْرِ من كذب الرسل.] وقراءة العامة «1» " قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ". وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ" قَالَ أَوَلَوْ" عَلَى الْخَبَرِ عَنِ النَّذِيرِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ" قُلْ أَوَلَوْ جِئْنَاكُمْ" بِنُونٍ وَأَلِفٍ، عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جميع الرسل. [
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذْ قالَ" أَيْ ذَكِّرْهُمْ إِذْ قَالَ." إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ" الْبَرَاءُ يُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ فَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ النَّعْتِ، لَا يُقَالُ: الْبَرَاءَانِ وَالْبَرَاءُونَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى ذُو الْبَرَاءِ وَذَوُو الْبَرَاءِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَبَرَّأْتُ مِنْ كَذَا، وَأَنَا مِنْهُ بَرَاءٌ، وَخَلَاءٍ مِنْهُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ، مِثْلُ: سَمِعَ سَمَاعًا. فَإِذَا قلت: أنا برئ مِنْهُ وَخَلِيٌّ ثُنِّيَتْ وَجُمِعَتْ وَأُنِّثَتْ، وَقُلْتُ فِي الْجَمْعِ: نَحْنُ مِنْهُ بُرَآءُ مِثْلُ فَقِيهٍ وَفُقَهَاءَ، وَبِرَاءٍ أَيْضًا مِثْلِ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ، وَأَبْرَاءٌ مِثْلُ شَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ، وَأَبْرِيَاءٌ مِثْلُ نَصِيبٍ وَأَنْصِبَاءَ، وَبَرِيئُونَ. وامرأة بريئة وهما بريئتان وهن بريئات وبرايا. ورجل برئ وَبُرَاءٌ مِثْلُ عَجِيبٍ وَعُجَابٍ. وَالْبَرَاءُ (بِالْفَتْحِ) أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَبَرُّؤِ الْقَمَرِ من الشمس." إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي" استثناء مُتَّصِلٌ، لِأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ مَعَ آلِهَتِهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا يَقُولُونَ اللَّهُ رَبُّنَا، مَعَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا، أَيْ لَكِنَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. قَالَ ذَلِكَ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَنْبِيهًا لِقَوْمِهِ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْ رَبِّهِ.
[سورة الزخرف (43): آية 28]
وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)