أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَبْدَانِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ." وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ" أَيْ عُقُوبَتُهُمْ، عَنْ قَتَادَةَ. وقيل: صفة الْأَوَّلِينَ، فَخَبَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ أُهْلِكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، حَكَاهُ النقاش والمهدوي. والمثل: الوصف والخبر.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ" يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ." مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ، ثُمَّ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ جَهْلًا مِنْهُمْ. وَقَدْ مضى في غير «1» موضع.
[سورة الزخرف (43): آية 10]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً" وَصَفَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ بِكَمَالِ الْقُدْرَةِ. وَهَذَا ابْتِدَاءُ إِخْبَارٍ مِنْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا إِخْبَارًا عَنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ لَقَالَ الَّذِي جَعَلَ لَنَا الْأَرْضَ." مِهاداً" فِرَاشًا وَبِسَاطًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ «2» .. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ" مَهْداً"" جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا" أَيْ مَعَايِشَ. وَقِيلَ طُرُقًا، لِتَسْلُكُوا مِنْهَا إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ." لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" فَتَسْتَدِلُّونَ بِمَقْدُورَاتِهِ عَلَى قُدْرَتِهِ. وَقِيلَ" لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" فِي أَسْفَارِكُمْ، قَالَهُ ابْنُ عِيسَى. وَقِيلَ: لَعَلَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جبير. وقيل: تهتدون إلى معايشكم.
[سورة الزخرف (43): آية 11]
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (11)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ لَا كَمَا أُنْزِلَ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ بِغَيْرِ قَدَرٍ حَتَّى أَغْرَقَهُمْ، بَلْ هُوَ بِقَدَرٍ لَا طُوفَانَ مُغْرِقٌ وَلَا قَاصِرَ عن الحاجة، حتى