بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ فُصِّلَتْ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ وَهِيَ أربع وخمسون، وقيل: ثلاث وخمسون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)
وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (5)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" قَالَ الزَّجَّاجُ:" تَنْزِيلٌ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ" كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ" وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ عَلَى إِضْمَارِ هَذَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:" كِتَابٌ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ:" تَنْزِيلٌ". وَقِيلَ: نَعْتٌ لِقَوْلِهِ:" تَنْزِيلٌ". وَقِيلَ:" حم" أَيْ هَذِهِ" حم" كما تقول با ب كَذَا، أَيْ هُوَ بَابُ كَذَا فَ" حم" خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ أَيْ هُوَ" حم"، وَقَوْلُهُ:" تَنْزِيلٌ" مبتدأ آخر، وقوله:" كِتابٌ" خبر." فُصِّلَتْ آياتُهُ" أَيْ بُيِّنَتْ وَفُسِّرَتْ. قَالَ قَتَادَةُ: بِبَيَانِ حَلَالِهِ مِنْ حَرَامِهِ، وَطَاعَتِهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ. الحسن: بالوعد والوعيد. سفيان: بالثواب والعقاب. وقرى" فُصِّلَتْ" أَيْ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، أَوْ فُصِلَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا، مِنْ قَوْلِكَ فُصِلَ أَيْ تَبَاعَدَ مِنَ الْبَلَدِ." قُرْآناً عَرَبِيًّا" فِي نَصْبِهِ وُجُوهٌ، قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَدْحِ. وَقِيلَ: عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيِ اذْكُرْ" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: عَلَى إِعَادَةِ الْفِعْلِ، أَيْ فَصَّلْنَا" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ أَيْ" فُصِّلَتْ آياتُهُ" فِي حَالِ كَوْنِهِ" قُرْآناً عَرَبِيًّا". وَقِيلَ: لَمَّا شُغِلَ" فُصِّلَتْ" بِالْآيَاتِ حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ انْتَصَبَ." قُرْآناً" لِوُقُوعِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَطْعِ." لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ إِنَّ