تفسير القرطبي (صفحة 5882)

اللَّحِمِينَ: إِنَّهُمُ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ أَكْلَ اللَّحْمِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ: اتَّقُوا هَذِهِ الْمَجَازِرَ فَإِنَّ لَهَا ضَرَاوَةً «1» كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ." ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ" أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ" [الحجر: 44]." فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ" تَقَدَّمَ جَمِيعُهُ «2». قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ" هَذَا تَسْلِيَةٌ للنبي عليه السلام، أي إنا لينتقم لَكَ مِنْهُمْ إِمَّا فِي حَيَاتِكَ أَوْ فِي الْآخِرَةِ." فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ" فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ وَمَا زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وَكَذَا النُّونُ وَزَالَ الْجَزْمُ وَبُنِيَ الْفِعْلُ عَلَى الْفَتْحِ." أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ" عَطْفٌ عَلَيْهِ" فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ" الْجَوَابُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ" عَزَّاهُ أَيْضًا بِمَا لَقِيَتِ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ." مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ" أَيْ أَنْبَأْنَاكَ بِأَخْبَارِهِمْ وَمَا لَقُوا مِنْ قَوْمِهِمْ." وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ" لا يأتي بها من قبل نفسه وإنما هي من عند اللَّهِ أَيْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ" إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ" أَيْ إِذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْمُسَمَّى لِعَذَابِهِمْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا التَّأْخِيرُ لِإِسْلَامِ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ إِسْلَامَهُ مِنْهُمْ وَلِمَنْ فِي أَصْلَابِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى الْقَتْلِ بِبَدْرٍ." قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ" أَيِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْبَاطِلَ والشرك.

[سورة غافر (40): الآيات 79 الى 81]

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ" قَالَ أبو إسحاق الزجاج: الأنعام ها هنا الْإِبِلُ." لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ" فَاحْتَجَّ مَنْ منع أكل الخيل وأباح أكل الجمال بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015