قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا" فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ عَطْفٌ عَلَى" يَسِيرُوا" وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ، وَالْجَزْمُ وَالنَّصْبُ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَاحِدٌ." كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ" اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ فِي" كَيْفَ". وَ" واقٍ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْمَوْضِعِ فَرَفْعُهُ وَخَفْضُهُ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْيَاءَ تُحْذَفُ وَتَبْقَى الْكَسْرَةُ دَالَّةً عَلَيْهَا وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي غير موضع «1» فأغنى عن الإعادة.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (23) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (25) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (26) وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (27)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا" وَهِيَ التِّسْعُ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ" [الإسراء: 101] وَقَدْ مَضَى تَعْيِينُهَا «2»." وَسُلْطانٍ مُبِينٍ" أَيْ بِحُجَّةٍ واضحة بينة، وهو يذكر ومؤنث. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالسُّلْطَانِ التَّوْرَاةَ." إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ" خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مَدَارَ التَّدْبِيرِ فِي عَدَاوَةِ مُوسَى كَانَ عَلَيْهِمْ، فَفِرْعَوْنُ الْمَلِكُ وَهَامَانُ الْوَزِيرُ وَقَارُونُ صَاحِبُ الْأَمْوَالِ وَالْكُنُوزِ فَجَمَعَهُ اللَّهُ مَعَهُمَا، لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ كَأَعْمَالِهِمَا." فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ" لَمَّا عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ حملوا المعجزات على السحر.