تفسير القرطبي (صفحة 5827)

وَقَالَ آخَرُ: وَلَمَّا رَأَيْتُ

الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُورُهَا ... تَنَاوَلْتُ مِنْهَا حَاجَتِي بِيَمِينِ

(?) قَتَلْتُ شُنَيْفًا ثُمَّ فَارَانَ بَعْدَهُ ... وَكَانَ عَلَى الْآيَاتِ غَيْرَ أَمِينِ

وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتْ قدرته شاملة لكل شي أَيْضًا، لِأَنَّ الدَّعَاوَى تَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، كَمَا قَالَ:" وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ" وَقَالَ:" مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ فِي" الْفَاتِحَةِ" (?) وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ:" ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ" وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ فِي" التَّذْكِرَةِ" بَيَانًا، وَتَكَلَّمْنَا عَلَى ذِكْرِ الشِّمَالِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَوْلُهُ:" ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْضَ بِشِمَالِهِ". قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) بَيَّنَ مَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ وَطَيِّ السَّمَاءِ وَهُوَ النَّفْخُ فِي الصُّوَرِ، وَإِنَّمَا هُمَا نَفْخَتَانِ، يَمُوتُ الْخَلْقُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا وَيَحْيَوْنَ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي" النَّمْلِ" (?) وَ" الْأَنْعَامِ" (?) أَيْضًا، وَالَّذِي يَنْفُخُ فِي الصُّوَرِ هُوَ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَكُونُ مَعَهُ جِبْرِيلُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّوَرِ بِأَيْدِيهِمَا- أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا- قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ" خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ، وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الصُّوَرِ، وَقَالَ:" عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَائِيلُ وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ" وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَثْنَى مَنْ هُمْ؟ فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ مُتَقَلِّدِينَ أَسْيَافَهُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ. رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ، وَقِيلَ: جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015