نِعْمَةٍ وَرَخَاءٍ" هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ" قَالَ مُقَاتِلٌ: فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالُوا لَا تَدْفَعُ شَيْئًا قدره الله ولكنها تشفع. فنزلت" قل حسى وَتَرَكَ الْجَوَابَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ يَعْنِي فَسَيَقُولُونَ لَا (أَيْ لَا تَكْشِفُ وَلَا تُمْسِكُ) (?) فَ" قُلْ" أَنْتَ" حَسْبِيَ اللَّهُ" أَيْ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ أَيِ اعْتَمَدْتُ وَ" عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ" يَعْتَمِدُ الْمُعْتَمِدُونَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ (?) فِي التَّوَكُّلِ. وَقَرَأَ نافع وابن كثير والكوفون ما عدا عاصما" كاشفات ضره" بغيره تنوين. وقرا أبو عمرووشيبه وهر الْمَعْرُوفَةُ مِنْ قِرَاءَةِ الْحَسَنِ وَعَاصِمٍ" هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ"." مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ" بِالتَّنْوِينِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ، لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ التَّنْوِينُ أَجْوَدَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
الضَّارِبُونَ عميرا عن بيوتهم ... وبالليل يَوْمَ عُمَيْرٌ ظَالِمٌ عَادِي
. وَلَوْ كَانَ مَاضِيًا لَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّنْوِينُ، وَحَذْفُ التَّنْوِينِ عَلَى التحقيق فإذا حذفت التنوين لي يَبْقَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ حَاجِزٌ فَخَفَضْتَ الثَّانِي بِالْإِضَافَةِ. وَحَذْفُ التَّنْوِينِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَوْجُودٌ حَسَنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ" وقال:" إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ" قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ" غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ" وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لحاجتنا ... واو عَبْدِ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بْنِ مِخْرَاقِ
وَقَالَ النابغة:
أحكم كحكم فتاه الحي إذ نظرات ... وإلى حَمَامٍ شَرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ (?)
مَعْنَاهُ وَارِدٍ الثَّمَدَ فَحُذِفَ التَّنْوِينُ، مِثْلَ" كاشِفاتُ ضُرِّهِ." قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ" أي مَكَانَتِي أَيْ عَلَى جِهَتِي الَّتِي تَمَكَّنَتْ عِنْدِي" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ." وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ بِالْجَمْعِ" مَكَانَاتِكُمْ". وقد مضى في" الأنعام." (?)