تفسير القرطبي (صفحة 5771)

لا لزمهرير. وَارْتَفَعَ" وَآخَرُ" بِالِابْتِدَاءِ وَ" أَزْواجٌ" مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ" آخَرُ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" وَآخَرُ" مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ دَلَّ عَلَيْهِ" هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ" لِأَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَهُمْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَهُمْ آخَرُ وَيَكُونُ" مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ" صِفَةٌ لِآخَرَ فَالْمُبْتَدَأُ مُتَخَصِّصٌ بِالصِّفَةِ وَ" أَزْواجٌ" مَرْفُوعٌ بِالظَّرْفِ. وَمَنْ قَرَأَ" وَأُخَرُ" أَرَادَ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْعَذَابِ أُخَرُ، وَمَنْ جَمَعَ وَهُوَ يُرِيدُ الزَّمْهَرِيرَ فَعَلَى أَنَّهُ جَعَلَ الزَّمْهَرِيرَ أَجْنَاسًا فَجُمِعَ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ زَمْهَرِيرًا ثُمَّ جُمِعَ كَمَا قَالُوا: شَابَتْ مَفَارِقُهُ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ لِمَا فِي الْكَلَامِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الزَّمْهَرِيرَ الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ الْبَرْدِ بِإِزَاءِ الجمع في قول:" هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ" وَالضَّمِيرُ فِي" شَكْلِهِ" يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْحَمِيمِ أَوِ الْغَسَّاقِ. أَوْ عَلَى مَعْنَى" وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ" مَا ذَكَرْنَا، وَرُفِعَ" أُخَرُ" عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمْعِ بِالِابْتِدَاءِ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" صِفَةٌ لَهُ وَفِيهِ ذِكْرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُبْتَدَإِ وَ" أَزْواجٌ" خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَقْدِيرِ وَلَهُمْ أُخَرُ وَ" مِنْ شَكْلِهِ" صِفَةٌ لِأُخَرَ وَ" أَزْواجٌ" مُرْتَفِعَةٌ بِالظَّرْفِ كَمَا جَازَ فِي الْإِفْرَادِ، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا ضَمِيرَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ ارْتَفَعَ" أَزْواجٌ" مُفْرَدٌ،، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ. وَ" أَزْواجٌ" أَيْ أَصْنَافٌ وَأَلْوَانٌ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: الشَّكْلُ بِالْفَتْحِ الْمِثْلُ وَبِالْكَسْرِ الدَّلُّ (?). قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنَّ الْقَادَةَ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُمُ الْأَتْبَاعُ، قَالَتِ الْخَزَنَةُ لِلْقَادَةِ:" هَذَا فَوْجٌ" يَعْنِي الْأَتْبَاعَ وَالْفَوْجُ الْجَمَاعَةُ" مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ" أَيْ دَاخِلٌ النَّارَ مَعَكُمْ، فَقَالَتِ السَّادَةُ:" لَا مَرْحَباً بِهِمْ" أَيْ لَا اتَّسَعَتْ مَنَازِلُهُمْ فِي النَّارِ. وَالرَّحْبُ السَّعَةُ، وَمِنْهُ رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ فِي مَذْهَبِ الدُّعَاءِ فَلِذَلِكَ نُصِبَ، قَالَ النَّابِغَةُ:

لَا مَرْحَبًا بِغَدٍ وَلَا أَهْلًا به ... وإن كان تفريق الأحبة في غد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015