وَيَجُوزُ" بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ" بِمَعْنَى أَنَّ زِينَتَهَا الْكَوَاكِبُ. أَوْ بِمَعْنَى هِيَ الْكَوَاكِبُ. الْبَاقُونَ" بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ" عَلَى الْإِضَافَةِ. وَالْمَعْنَى زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِتَزْيِينِ الْكَوَاكِبِ، أَيْ بِحُسْنِ الْكَوَاكِبِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَقِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ التَّنْوِينَ استخفافا." وَحِفْظاً" مصدر أي حفظناها حفظنا." مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ" لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، بَيَّنَ أَنَّهُ حَرَسَ السَّمَاءَ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ بَعْدَ أَنْ زَيَّنَهَا بِالْكَوَاكِبِ. وَالْمَارِدُ: الْعَاتِي مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ شَيْطَانًا. قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى " قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَيْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا ثُمَّ حُذِفَ" أَنْ" فَرُفِعَ الْفِعْلُ. الْمَلَأُ الْأَعْلَى: أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَمَا فَوْقَهَا، وَسُمِّيَ الْكُلُّ مِنْهُمْ أَعْلَى بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَلَإِ الْأَرْضَ. الضَّمِيرُ فِي" يَسَّمَّعُونَ" لِلشَّيَاطِينِ. وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ" يَسْمَعُونَ" بِسُكُونِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ" لَا يَسَّمَّعُونَ" بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَالْمِيمِ مِنَ التَّسْمِيعِ. فَيَنْتَفِي عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى سَمَاعُهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَسْتَمِعُونَ، وَهُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ، وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ" [الشعراء: 212]. وَيَنْتَفِي عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأَخِيرَةِ أَنْ يَقَعَ مِنْهُمُ اسْتِمَاعٌ أَوْ سَمَاعٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا يَتَسَمَّعُونَ وَلَكِنْ لَا يَسْمَعُونَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ" لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ" قَالَ: هُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يَتَسَمَّعُونَ. وَأَصْلُ" يَسَّمَّعُونَ" يَتَسَمَّعُونَ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي السِّينِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا. وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَقُولُ: سَمِعْتُ إِلَيْهِ وَتَقُولُ تَسَمَّعْتُ إِلَيْهِ." وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ" أَيْ يُرْمَوْنَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، أَيْ بِالشُّهُبِ." دُحُوراً" مَصْدَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى" يُقْذَفُونَ" يُدْحَرُونَ. دَحَرْتُهُ دَحْرًا وَدُحُورًا أَيْ طَرَدْتُهُ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ" دَحُورًا" بِفَتْحِ الدَّالِ يَكُونُ مَصْدَرًا عَلَى فَعُولَ. وَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَإِنَّهُ قَدَّرَهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ الْفَاعِلِ. أَيْ وَيُقْذَفُونَ بِمَا يَدْحَرُهُمْ أَيْ بِدُحُورٍ ثُمَّ حَذَفَ الْبَاءَ، وَالْكُوفِيُّونَ يَسْتَعْمِلُونَ هذا كثير كما أنشدوا (?):
تمرون الديار ولم تعوجوا