وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ دَخَلَتْ مِحْرَابًا تَحْتَ الْعَرْشِ تُسَبِّحُ اللَّهَ حَتَّى تُصْبِحَ، فَإِذَا أَصْبَحَتِ اسْتَعْفَتْ رَبَّهَا مِنَ الْخُرُوجِ فَيَقُولُ لَهَا الرَّبُّ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَتْ: إِنِّي إِذَا خَرَجْتُ عُبِدْتُ مِنْ دُونِكَ. فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وتعالى: أخرجي فليس عليك من ذاك شي، سَأَبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَهَنَّمَ مَعَ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَقُودُونَهَا حَتَّى يُدْخِلُوهُمْ فِيهَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى تَجْرِي إِلَى أَبْعَدِ مَنَازِلِهَا فِي الْغُرُوبِ، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى أَدْنَى مَنَازِلِهَا، فَمُسْتَقَرُّهَا بُلُوغُهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي لَا تَتَجَاوَزُهُ بَلْ تَرْجِعُ مِنْهُ، كَالْإِنْسَانِ يَقْطَعُ مَسَافَةً حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَى مَقْصُودِهِ فيقضي وطره، ثم يرجع إلى منزل الْأَوَّلِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ سَفَرَهُ. وَعَلَى تَبْلِيغِ الشَّمْسِ أَقْصَى مَنَازِلِهَا، وَهُوَ مُسْتَقَرُّهَا إِذَا طَلَعَتِ الْهَنْعَةَ، وَذَلِكَ الْيَوْمُ أَطْوَلُ الْأَيَّامِ فِي السَّنَةِ، وَتِلْكَ اللَّيْلَةُ أَقْصَرُ اللَّيَالِي، فَالنَّهَارُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةً وَاللَّيْلُ تِسْعُ سَاعَاتٍ، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي النُّقْصَانِ وَتَرْجِعُ الشَّمْسَ، فَإِذَا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، ثُمَّ تَبْلُغُ أَدْنَى مَنَازِلِهَا وَتَطْلُعُ النَّعَائِمَ، وَذَلِكَ الْيَوْمُ أَقْصَرُ الْأَيَّامِ، وَاللَّيْلُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةً، حَتَّى إِذَا طَلَعَ فَرْغُ الدَّلْوِ الْمُؤَخَّرِ اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَيَأْخُذُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ عُشْرَ ثُلُثِ سَاعَةٍ، وَكُلَّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُلُثَ سَاعَةٍ، وَكُلَّ شَهْرٍ سَاعَةً تَامَّةً، حَتَّى يَسْتَوِيَا وَيَأْخُذُ اللَّيْلُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةً، وَيَأْخُذُ النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ لِلشَّمْسِ فِي السَّنَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَطْلِعًا، تَنْزِلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَطْلِعًا، ثُمَّ لَا تَنْزِلُهُ إِلَى الْحَوْلِ، فَهِيَ تَجْرِي فِي تِلْكَ الْمَنَازِلِ وَهِيَ مُسْتَقَرُّهَا. وَهُوَ مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا إِذَا غَرَبَتْ وَانْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا تَتَجَاوَزُهُ اسْتَقَرَّتْ تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ. قُلْتُ: مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَجْمَعُ الْأَقْوَالَ فَتَأَمَّلْهُ. وَقِيلَ: إِلَى انْتِهَاءِ أَمَدِهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا وقرا ابن مسعود وا بن عَبَّاسٍ" وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَ لَهَا" أَيْ إِنَّهَا تَجْرِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَا وُقُوفَ لَهَا وَلَا قَرَارَ، إِلَى أَنْ يُكَوِّرَهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ خَالَفَ الْمُصْحَفَ فَقَالَ: أَنَا أَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَهَذَا بَاطِلٌ مردود على من نقله، لأن أبا عمر وروى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنَ كَثِيرٍ روى