قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) أَيْ إِنَّمَا يَقْبَلُ إِنْذَارَكَ مَنْ يَخْشَى عِقَابَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ" «1»
[يس: 11]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) أي من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه. وقرى:" وَمَنِ ازَّكَّى فَإِنَّمَا يَزَّكَّى لِنَفْسِهِ". (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) أي إليه مرجع جميع الخلق.
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (19) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (20) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أَيِ الْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْجَاهِلُ وَالْعَالِمُ. مِثْلُ:" قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ" «2»
[المائدة: 100]. (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) قَالَ الْأَخْفَشُ سَعِيدٌ:" لَا" زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى وَلَا الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ، وَلَا الظل والحرور. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَالْحَرُورُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ شمس النهار، والسموم يكون بالليل، وقيل بالعكس. وقال رؤبة ابن الْعَجَّاجِ: الْحَرُورُ تَكُونُ بِالنَّهَارِ خَاصَّةً، وَالسَّمُومُ يَكُونُ بِاللَّيْلِ خَاصَّةً، حَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّمُومُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالنَّهَارِ، وَالْحَرُورِ يَكُونُ فِيهِمَا. النَّحَّاسُ: وَهَذَا أَصَحُّ، لِأَنَّ الْحَرُورَ فَعُولٌ مِنَ الْحَرِّ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّكْثِيرِ، أَيِ الْحَرَّ الْمُؤْذِي. قُلْتُ: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَتِ النَّارُ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسُ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٌ فِي الصَّيْفِ فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ (. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:) فَمَا تَجِدُونَ مِنَ الحر فمن