تفسير القرطبي (صفحة 5522)

(ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) أَيْ هَذَا الَّذِي مِنْ صُنْعِهِ مَا تَقَرَّرَ هُوَ الْخَالِقُ المدبر، والقادر المقتدر، فهو الذي يعبد. يعني الأصنام. قِطْمِيرٍ) أَيْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى خَلْقِهِ. وَالْقِطْمِيرُ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي بَيْنَ التَّمْرَةِ وَالنَّوَاةِ، قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ شِقُّ النَّوَاةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُبَرِّدِ، وقال قَتَادَةُ. وَعَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا: الْقِطْمِيرُ الْقِمْعُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ النَّوَاةِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ: هِيَ النُّكْتَةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ، تَنْبُتُ مِنْهَا النخلة.

[سورة فاطر (35): آية 14]

إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) أَيْ إِنْ تَسْتَغِيثُوا بِهِمْ فِي النَّوَائِبِ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ، لِأَنَّهَا جمادات لا تبصر ولا تسمع. إِذْ لَيْسَ كُلُّ سَامِعٍ نَاطِقًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى لَوْ سَمِعُوا لَمْ يَنْفَعُوكُمْ. وَقِيلَ: أَيْ لَوْ جَعَلْنَا لَهُمْ عُقُولًا وَحَيَاةً فَسَمِعُوا دُعَاءَكُمْ لَكَانُوا أَطْوَعَ لِلَّهِ مِنْكُمْ، وَلَمَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ عَلَى الْكُفْرِ. (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أَيْ يَجْحَدُونَ أَنَّكُمْ عَبَدْتُمُوهُمْ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْكُمْ. ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ هَذَا إِلَى الْمَعْبُودِينَ مِمَّا يَعْقِلُ، كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالشَّيَاطِينِ أَيْ يَجْحَدُونَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلْتُمُوهُ حَقًّا، وَأَنَّهُمْ أَمَرُوكُمْ بِعِبَادَتِهِمْ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ عِيسَى بِقَوْلِهِ:" مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ" «1»

[المائدة: 116] وَيَجُوزُ أَنْ يَنْدَرِجَ فِيهِ الْأَصْنَامُ أَيْضًا، أَيْ يُحْيِيهَا اللَّهُ حَتَّى تُخْبِرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا للعبادة. هو الله عز وجل، أَيْ لَا أَحَدَ أَخْبَرُ بِخَلْقِ اللَّهِ مِنَ الله، فلا ينبئك مثله في عمله. ينبئك مثله في عمله «2»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015