الْجِبَالِ وَالنَّاسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ" (?). السَّادِسُ- التَّوْبَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" فَغَفَرْنا (?) لَهُ ذلِكَ" [ص: 25]. السَّابِعُ: الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ (?) خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ" [ص: 26] الْآيَةَ. الثَّامِنُ- إِلَانَةُ الْحَدِيدِ، قَالَ تَعَالَى:" وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ" (?). التَّاسِعُ- حُسْنُ الصَّوْتِ، وَكَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَا صَوْتٍ حَسَنٍ وَوَجْهٍ حَسَنٍ. وَحُسْنُ الصَّوْتِ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَفَضُّلٌ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:" يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ" (?) [فاطر: 1] عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: (لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمِزْمَارُ وَالْمَزْمُورُ الصَّوْتُ الْحَسَنُ، وَبِهِ سُمِّيَتْ آلَةُ الزَّمْرِ مِزْمَارًا. وَقَدِ اسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْقِرَاءَةُ بِالتَّزْيِينِ وَالتَّرْجِيعِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ (?) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) أَيْ وَقُلْنَا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ، أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ، لِأَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:" إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ" (?) [ص: 18]. قَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: هُوَ التَّسْبِيحُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَمَعْنَى تَسْبِيحِ الْجِبَالِ: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِيهَا تَسْبِيحًا كَمَا خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ، فَيُسْمَعُ مِنْهَا مَا يُسْمَعُ مِنَ الْمُسَبِّحِ مُعْجِزَةً لِدَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى سِيرِي مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ، مِنَ التَّأْوِيبِ الَّذِي هو سير النهار أجمع وينزل اللَّيْلِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لَحِقْنَا بِحَيٍّ أَوَّبُوا السير بعد ما ... دَفَعْنَا شُعَاعَ الشَّمْسِ وَالطَّرْفُ يَجْنَحُ
وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا:" أَوِّبِي مَعَهُ" أَيْ رَجِّعِي مَعَهُ، من آب يؤوب إِذَا رَجَعَ، أَوْبًا وَأَوْبَةً وَإِيَابًا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى تَصَرَّفِي مَعَهُ عَلَى مَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ دَاوُدُ بِالنَّهَارِ، فَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ صَوَّتَتِ الْجِبَالُ مَعَهُ، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ الطَّيْرُ، فَكَأَنَّهَا فَعَلَتْ مَا فعل. وقال وهب ابن مُنَبِّهٍ: الْمَعْنَى نُوحِي مَعَهُ وَالطَّيْرُ تُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا نَادَى بِالنِّيَاحَةِ أَجَابَتْهُ الْجِبَالُ