ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الْآخِرَةِ (. وَرُوِيَ أَنَّ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ هِرَقْلَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبْطِيَّةً، فَقَالَ: (اجْعَلْ صَدِيعًا لَكَ قَمِيصًا وَأَعْطِ صَاحِبَتكَ صَدِيعًا تَخْتَمِرُ بِهِ). وَالصَّدِيعُ النِّصْفُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: (مُرْهَا تَجْعَلُ تَحْتَهَا شَيْئًا لِئَلَّا يَصِفَ). وَذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ رِقَّةَ الثِّيَابِ لِلنِّسَاءِ فَقَالَ: الْكَاسِيَاتُ الْعَارِيَاتُ النَّاعِمَاتُ (?) الشَّقِيَّاتُ. وَدَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَيْهِنَّ ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ كُنْتُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَيْسَ هَذَا بِلِبَاسِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِنْ كُنْتُنَّ غَيْرَ مؤمنات فتمتعينه (?). وَأُدْخِلَتِ امْرَأَةٌ عَرُوسٌ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَلَيْهَا خِمَارٌ قُبْطِيٌّ مُعَصْفَرٌ، فَلَمَّا رَأَتْهَا قَالَتْ: لَمْ تُؤْمِنْ بِسُورَةِ" النُّورِ" امْرَأَةٌ تَلْبَسُ هَذَا. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا (. وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عنه: ما يمنع المرأة المسلمة إذا كَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَنْ تَخْرُجَ فِي أَطْمَارهَا (?) أَوْ أَطْمَارِ جَارَتِهَا مُسْتَخْفِيَةً، لَا يَعْلَمُ بِهَا أَحَدٌ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهَا. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) أَيِ الْحَرَائِرُ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ، فَإِذَا عُرِفْنَ لَمْ يُقَابَلْنَ بِأَدْنَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ مُرَاقَبَةً لِرُتْبَةِ الْحُرِّيَّةِ، فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ. وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى أَمَةً قَدْ تَقَنَّعَتْ ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ، مُحَافَظَةً عَلَى زِيِّ الْحَرَائِرِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَجِبُ السَّتْرُ وَالتَّقَنُّعُ الْآنَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ مِنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْلِهِ: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَوْ عَاشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. (وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) تَأْنِيسٌ لِلنِّسَاءِ فِي تَرْكِ الجلابيب قبل هذا الامر المشروع.