قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) أي ما أوجبنا على المؤمنين، وَهُوَ أَلَّا يَتَزَوَّجُوا إِلَّا أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِمَهْرٍ وَبَيِّنَةٍ وَوَلِيٍّ. قَالَ مَعْنَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وقتاده وغيرهما. التاسعة عشرة- قوله تعالى: لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أَيْ ضِيقٌ فِي أَمْرٍ أَنْتَ فِيهِ مُحْتَاجٌ إِلَى السَّعَةِ، أَيْ بَيَّنَّا هَذَا الْبَيَانَ وَشَرَحْنَا هَذَا الشَّرْحَ" لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ". فَ"- لِكَيْلا" مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ:" إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ" أَيْ فَلَا يَضِيقُ قَلْبُكَ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْكَ أَنَّكَ قَدْ أَثِمْتَ عِنْدَ رَبِّكَ فِي شي. ثُمَّ آنَسَ تَعَالَى جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ بِغُفْرَانِهِ وَرَحْمَتِهِ فقال تعالى:" وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً".
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51)
فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً. الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" تُرْجِي مَنْ تَشاءُ" قُرِئَ مَهْمُوزًا وَغَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَهُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ: أَرْجَيْتُ الْأَمْرَ وأرجأته إذا أخرته." وَتُؤْوِي" تَضُمُّ، يُقَالُ: آوَى إِلَيْهِ. (مَمْدُودَةَ الْأَلِفِ) ضَمَ إِلَيْهِ. وَأَوَى (مَقْصُورَةَ الْأَلِفِ) انْضَمَّ إِلَيْهِ. الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهَا. التَّوْسِعَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِ الْقَسْمِ، فَكَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا مَضَى، وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ مَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقول: أو تهب الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ؟ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل" تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ" قَالَتْ: قُلْتُ وَاللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. قَالَ