عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ بِالنَّاسِ ثُمَّ الْتَفَتَ وَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أَزِيدَكُمْ، وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ. الثَّانِيَةُ- لَمَّا قَسَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْفَاسِقِينَ الَّذِينَ فَسَّقَهُمْ بِالْكُفْرِ- لِأَنَّ التَّكْذِيبَ فِي آخِرِ الْآيَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ- اقْتَضَى ذَلِكَ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَلِهَذَا مُنِعَ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا، إِذْ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ. وَبِذَلِكَ احْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَتْلِهِ المسلم بالذمي. وقال: أراد نفي المساواة ها هنا فِي الْآخِرَةِ فِي الثَّوَابِ وَفِي الدُّنْيَا فِي الْعَدَالَةِ. وَنَحْنُ حَمَلْنَاهُ عَلَى عُمُومِهِ، وَهُوَ أَصَحُّ، إِذْ لَا دَلِيلَ يَخُصُّهُ، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يَسْتَوُونَ) قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ:" مَنْ" يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. النَّحَّاسُ: لَفْظُ" مَنْ" يُؤَدِّي عَنِ الْجَمَاعَةِ، فَلِهَذَا قَالَ:" لَا يَسْتَوُونَ"، هَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:" لَا يَسْتَوُونَ" لِاثْنَيْنِ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ، لِأَنَّهُ وَاحِدٌ جُمِعَ مَعَ آخَرَ. وَقَالَهُ الزَّجَّاجُ أَيْضًا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لِأَنَّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَغَيْرِهِ قَالَ: نَزَلَتْ" أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً" فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،" كَمَنْ كانَ فاسِقاً" فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَيْسَ الْمَوْتُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً ... إِذَا مَاتُوا وَصَارُوا في القبور
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) أَخْبَرَ عَنْ مَقَرِّ الْفَرِيقَيْنِ غَدًا، فَلِلْمُؤْمِنِينَ جنات المأوى أو يَأْوُونَ إِلَى الْجَنَّاتِ فَأَضَافَ الْجَنَّاتِ إِلَى الْمَأْوَى لان ذلك