مَصْدَرٌ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجِنْسِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْمُصْحَفِ، لِأَنَّ تَاءَ" قُرَّةِ" تكتب تاء لُغَةِ مَنْ يُجْرِي الْوَصْلَ عَلَى الْوَقْفِ، كَمَا كَتَبُوا (رَحْمَتَ اللَّهِ) بِالتَّاءِ. وَلَا يُسْتَنْكَرُ سُقُوطُ الْأَلِفِ مِنْ" قُرَّاتِ" فِي الْخَطِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ، كَمَا لَمْ يُسْتَنْكَرْ سُقُوطُ الْأَلِفِ مِنَ السَّمَاوَاتِ (?) وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي اللِّسَانِ وَالنُّطْقِ. وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ: أَنَّهُ أَخْبَرَ تَعَالَى بِمَا لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي لَمْ تَعْلَمْهُ نَفْسٌ وَلَا بَشَرٌ وَلَا مَلَكٌ. وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ عز وجل أعدت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ- ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ-" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ- إِلَى قَوْلِهِ-" بِما كانُوا يَعْمَلُونَ" (خَرَّجَهُ الصَّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ: عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَمْرُ فِي هَذَا أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ تَفْسِيرُهُ. قُلْتُ: وَهَذِهِ الْكَرَامَةُ إِنَّمَا هِيَ لِأَعْلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا، كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ فَقَالَ يَا رَبِّ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ منزلة قال هو رجل يأتي بعد ما يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيَتُ رَبِّ فَيَقُولُ لَكَ ذلك ومثله ومثله معه وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ رَضِيَتُ رَبِّ فَيُقَالُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ فَيَقُولُ رَضِيَتُ رَبِّ قَالَ رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ (?) كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ- قَالَ- وَمِصْدَاقُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ"