الْجَوْهَرِيُّ: وَذُقْتَ مَا عِنْدَ فُلَانٍ، أَيْ خَبَرْتَهُ. وَذُقْتَ الْقَوْسَ إِذَا جَذَبْتَ وَتَرَهَا لِتَنْظُرَ مَا شِدَّتُهَا. وَأَذَاقَهُ اللَّهُ وَبَالَ أَمْرِهِ. قَالَ طُفَيْلٌ:
فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ ... مِنَ الْغَيْظِ فِي أَكْبَادِنَا وَالتَّحَوُّبِ
وَتَذَوَّقْتَهُ أَيْ ذُقْتَهُ شَيْئًا بعد شي. وَأَمْرٌ مُسْتَذَاقٌ أَيْ مُجَرَّبٌ مَعْلُومٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَعَهْدُ الْغَانِيَاتِ كَعَهْدِ قَيْنٍ ... وَنَتْ عَنْهُ الْجَعَائِلُ مستذاق
والذواق: الملول.
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)
هَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ أَنَّهُمْ لِإِلْفِهِمُ الْكُفْرَ لَا يُؤْمِنُونَ بِكَ، إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِكَ وَبِالْقُرْآنِ الْمُتَدَبِّرُونَ لَهُ وَالْمُتَّعِظُونَ بِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ" خَرُّوا سُجَّداً" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رُكَّعًا. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى الرُّكُوعَ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى:" وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ" «1» [ص: 24]. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ السُّجُودُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، أَيْ خَرُّوا سُجَّدًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وُجُوهِهِمْ تَعْظِيمًا لِآيَاتِهِ وَخَوْفًا مِنْ سَطْوَتِهِ وَعَذَابِهِ. (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أَيْ خَلَطُوا التَّسْبِيحَ بِالْحَمْدِ، أَيْ نَزَّهُوهُ وَحَمِدُوهُ، فَقَالُوا فِي سُجُودِهِمْ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ، أَيْ تَنْزِيهًا لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ سُفْيَانُ:" وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" أَيْ صَلَّوْا حَمْدًا لِرَبِّهِمْ. (وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) عَنْ عِبَادَتِهِ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ. النَّقَّاشُ:" لَا يَسْتَكْبِرُونَ" كَمَا اسْتَكْبَرَ أهل مكة عن السجود.
[سورة السجده (32): آية 16]
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (16)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" أَيْ تَرْتَفِعُ وَتَنْبُو عَنْ مَوَاضِعِ الِاضْطِجَاعِ. وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُتَجَافِيَةً جُنُوبُهُمْ. وَالْمَضَاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وهي