تفسير القرطبي (صفحة 5243)

(وَيَتَّخِذَها هُزُواً) قِرَاءَةُ الْمَدَنِيِّينَ وَأَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى" مَنْ يَشْتَرِي" وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ:" وَيَتَّخِذَها" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى" لِيُضِلَّ". وَمِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ:" بِغَيْرِ عِلْمٍ" والوقف على قوله:" هُزُواً"، والهاء في" يَتَّخِذَها" كِنَايَةٌ عَنِ الْآيَاتِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ السَّبِيلِ، لِأَنَّ السَّبِيلَ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ. (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) أَيْ شَدِيدٌ يُهِينُهُمْ. قَالَ الشاعر:

وَلَقَدْ جَزِعْتُ إِلَى النَّصَارَى بَعْدَ مَا ... لَقِيَ الصليب من العذاب مهينا «1»

[سورة لقمان (31): آية 7]

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) يَعْنِي الْقُرْآنَ. (وَلَّى) أَيْ أَعْرَضَ. (مُسْتَكْبِراً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) ثِقَلًا وَصَمَمًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ «2». (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) تقدم أيضا «3».

[سورة لقمان (31): الآيات 8 الى 9]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)

قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) لَمَّا ذُكِرَ عَذَابُ الْكُفَّارِ ذُكِرَ نَعِيمُ الْمُؤْمِنِينَ. (خالِدِينَ فِيها) أَيْ دَائِمِينَ. (وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا) أَيْ وَعَدَهُمُ اللَّهُ هَذَا وَعْدًا حَقًّا لَا خُلْفَ فِيهِ. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) تقدم أيضا «4».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015