وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: نَكَزَهُ، أَيْ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ. الْكِسَائِيُّ: نَهَزَهُ مِثْلُ نَكَزَهُ وَوَكَزَهُ، أَيْ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ. وَلَهَدَهُ لَهْدًا أَيْ دَفَعَهُ لِذُلِّهِ فَهُوَ مَلْهُودٌ، وكذلك لهده، قال طرفة يذم رجلا:
بطي عَنِ الدَّاعِي (?) سَرِيعٌ إِلَى الْخَنَا ... ذَلُولٌ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ
أَيْ مُدَفَّعٌ وَإِنَّمَا شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَهَدَنِي- تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهْدَةً أَوْجَعَنِي، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. فَفَعَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ قَتْلَهُ، إِنَّمَا قَصَدَ دَفْعَهُ فَكَانَتْ فِيهِ نَفْسُهُ، وَهُوَ مَعْنَى:" فَقَضى عَلَيْهِ". وكل شي أَتَيْتَ عَلَيْهِ وَفَرَغْتَ مِنْهُ فَقَدْ قَضَيْتَ عَلَيْهِ قَالَ (?):
قَدْ عَضَّهُ فَقَضَى عَلَيْهِ الْأَشْجَعُ
(قالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أَيْ مِنْ إِغْوَائِهِ قَالَ الْحَسَنُ: لَمْ يَكُنْ يَحِلُّ قَتْلُ الْكَافِرِ يَوْمَئِذٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ حَالَ كَفٍّ عَنِ الْقِتَالِ." إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ" خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ. (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ) نَدِمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى ذَلِكَ الْوَكْزِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَهَابُ النَّفْسِ، فَحَمَلَهُ نَدَمُهُ عَلَى الْخُضُوعِ لِرَبِّهِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ قَتَادَةُ: عَرَفَ وَاللَّهِ الْمَخْرَجَ فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَدِّدُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ، حَتَّى إِنَّهُ فِي الْقِيَامَةِ يَقُولُ: إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا. وَإِنَّمَا عَدَّدَهُ عَلَى نَفْسِهِ ذَنْبًا وَقَالَ:" ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي" مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى يُؤْمَرَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُشْفِقُونَ مِمَّا لَا يُشْفِقُ مِنْهُ غَيْرُهُمْ. قَالَ النَّقَّاشُ: لَمْ يَقْتُلْهُ عَنْ عَمْدٍ
مُرِيدًا لِلْقَتْلِ، وَإِنَّمَا وَكَزَهُ وَكْزَةً يُرِيدُ بِهَا دَفْعَ ظُلْمِهِ. قَالَ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ. وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَ إِذْ ذَاكَ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ قَتْلُهُ مَعَ ذَلِكَ خَطَأً فَإِنَّ الْوَكْزَةَ وَاللَّكْزَةَ فِي الْغَالِبِ لَا تَقْتُلُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ! سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بن عمر يقول سمعت