ويجوز أن يكون مرفوعا بإضمار أإله مَعَ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَتَعْبُدُوهُ. وَالْوَقْفُ عَلَى" مَعَ اللَّهِ" حَسَنٌ. (قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَهِشَامٌ وَيَعْقُوبُ:" يَذَّكَّرُونَ" بِالْيَاءِ عَلَى الخبر، كقول:" بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" وَ" تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" فَأَخْبَرَ فِيمَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ خِطَابًا لِقَوْلِهِ:" وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ". قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) أَيْ يُرْشِدُكُمُ الطَّرِيقَ (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) إِذَا سَافَرْتُمْ إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي تَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ والنهار. وقيل: وجعل مفاوز الَّتِي لَا أَعْلَامَ لَهَا، وَلُجَجَ الْبِحَارِ كَأَنَّهَا ظُلُمَاتٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عَلَمٌ يُهْتَدَى بِهِ. (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً «1» بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أَيْ قُدَّامَ الْمَطَرِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ
التَّأْوِيلِ. (أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ) يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُعِينُهُ عَلَيْهِ. (تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) مِنْ دُونِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) كَانُوا يُقِرُّونَ أَنَّهُ الْخَالِقُ الرازق فألزمهم الإعادة، أي إذا قدر الِابْتِدَاءِ فَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِعَادَةِ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ. (أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ) يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ وَيُبْدِئُ وَيُعِيدُ: (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أَيْ حُجَّتَكُمْ أَنَّ لِي شَرِيكًا، أَوْ حُجَّتَكُمْ فِي أَنَّهُ صَنَعَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ الله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (66)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) وَعَنْ بَعْضِهِمْ: أَخْفَى غَيْبَهُ عَلَى الْخَلْقِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِئَلَّا يَأْمَنَ أَحَدٌ مِنْ عَبِيدِهِ مَكْرَهُ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ حِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِيَامِ السَّاعَةِ. وَ" مَنْ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَالْمَعْنَى: قُلْ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهُ بدل من" مَنْ" قاله الزجاج.