تفسير القرطبي (صفحة 4959)

[سورة الشعراء (26): الآيات 192 الى 196]

وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) عَادَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ إِعْرَاضِ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْقُرْآنِ. (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) " نَزَلَ" مُخَفَّفًا قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو. الْبَاقُونَ:" نَزَّلَ" مُشَدَّدًا" بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ" نَصْبًا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ لِقَوْلِهِ:" وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ" وَهُوَ مَصْدَرُ نَزَّلَ، وَالْحُجَّةُ لِمَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ هَذَا بِمُقَدَّرٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنَّ الْقُرْآنَ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَيْكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ" أَيْ يَتْلُوهُ عَلَيْكَ فَيَعِيهُ قلبك. وقيل: ليثبت قَلْبِكَ. (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) أَيْ لِئَلَّا يَقُولُوا لَسْنَا نَفْهَمُ مَا تَقُولُ. (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) أَيْ وَإِنَّ ذِكْرَ نُزُولِهِ لَفِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ. وَقِيلَ: أَيْ إِنَّ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ" والزبر الْكُتُبُ الْوَاحِدُ زَبُورٌ كَرَسُولٍ وَرُسُلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

[سورة الشعراء (26): الآيات 197 الى 203]

أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (201)

فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي عَبْدَ الله ابن سَلَامٍ وَسَلْمَانَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ أَسْلَمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى الْيَهُودِ وَهُمْ بالمدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015