وَلَا يَقْوَوْنَ عَلَيْهِ. (فَاذْهَبا) أَيْ أَنْتَ وَأَخُوكَ فَقَدْ جَعَلْتُهُ رَسُولًا مَعَكَ. (بِآياتِنا) أَيْ بِبَرَاهِينِنَا وبالمعجزات. وقيل آيَاتِنَا. (إِنَّا مَعَكُمْ) يُرِيدُ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (مُسْتَمِعُونَ) أَيْ سَامِعُونَ مَا يَقُولُونَ وَمَا يُجَاوِبُونَ. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَقْوِيَةَ قَلْبَيْهِمَا وَأَنَّهُ يُعِينُهُمَا وَيَحْفَظُهُمَا. وَالِاسْتِمَاعُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْإِصْغَاءِ، وَلَا يُوصَفُ الْبَارِي سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ. وَقَدْ وَصَفَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَقَالَ فِي" طه" «1»:" أَسْمَعُ وَأَرى " وَقَالَ:" مَعَكُمْ" فَأَجْرَاهُمَا مَجْرَى الْجَمْعِ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وَلِمَنْ أُرْسِلَا إِلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ بَنِي إسرائيل.
فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (17) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (19) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20)
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (22)
قَوْلُهُ تَعَالَى: َأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: رَسُولُ بِمَعْنَى رِسَالَةُ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا، إِنَّا ذَوُو رِسَالَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ الهذلي:
أَلِكْنِي إِلَيْهَا وَخَيْرُ الرَّسُو ... لِ أَعْلَمُهُمْ بِنَوَاحِي الْخَبَرِ
أَلِكْنِي إِلَيْهَا مَعْنَاهُ أَرْسِلْنِي. وَقَالَ آخَرُ «2»:
لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ ... بِسِرٍّ ولا أرسلتهم برسول