تفسير القرطبي (صفحة 4909)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (طسم) قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِإِمَالَةِ الطَّاءِ مُشْبَعًا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي أُخْتَيْهَا. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَالزُّهْرِيُّ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهِيَ كُلُّهَا لُغَاتٌ فَصِيحَةٌ. وَقَدْ مَضَى فِي" طه" (?) قَوْلُ النَّحَّاسِ فِي هَذَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَقَرَأَ الْمَدَنِيُّونَ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ:" طسم" بِإِدْغَامِ النُّونِ فِي الْمِيمِ، وَالْفَرَّاءُ يَقُولُ بِإِخْفَاءِ النُّونِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَحَمْزَةُ:" طسين ميم" بِإِظْهَارِ النُّونِ. قَالَ النَّحَّاسُ: النون السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: يُبَيَّنَانِ عِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ، وَيُدْغَمَانِ عِنْدَ الرَّاءِ وَاللَّامِ وَالْمِيمِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَيُقْلَبَانِ مِيمًا عِنْدَ الْبَاءِ وَيَكُونَانِ مِنَ الْخَيَاشِيمِ، أَيْ لَا يُبَيَّنَانِ، فَعَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْسَامِ الَّتِي نَصَّهَا سِيبَوَيْهِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ فَتُبَيَّنُ النُّونُ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ فِي ذَلِكَ وُجَيْهٌ: وَهُوَ أَنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ حُكْمُهَا أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهَا، فَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهَا تَبَيَّنَتِ النُّونُ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: الْإِدْغَامُ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَهَا أُولَئِكَ لِلتَّبْيِينِ وَالتَّمْكِينِ، وَأَدْغَمَهَا هَؤُلَاءِ لِمُجَاوَرَتِهَا حُرُوفَ الْفَمِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ" فِيمَا يُجْرَى وَفِيمَا لَا يُجْرَى" أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:" طسينَ ميمُ" بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْمِيمِ، كَمَا يُقَالُ هَذَا مَعْدِي كَرِبُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَرَأَ خَالِدٌ:" طسينَ مِيمُ". ابْنُ عَبَّاسٍ:" طسم" قَسَمٌ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ" إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً". وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ. مُجَاهِدٌ: هُوَ اسْمُ السُّورَةِ، وَيُحَسِّنُ افْتِتَاحَ السُّورَةِ. الرَّبِيعُ: حِسَابُ مُدَّةِ قَوْمٍ. وَقِيلَ: قَارِعَةٌ تَحُلُّ بِقَوْمٍ." طسم" وَ" طَس" وَاحِدٌ. قال (?):

وَفَاؤُكُمَا كَالرَّبْعِ أَشْجَاهُ طَاسِمُهْ ... بِأَنْ تُسْعِدَا وَالدَّمْعُ أشفاه ساجمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015