تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ يَجْعَلُهُنَّ اللَّهُ كُلَّهُنَّ خَيْرَاتٍ". قَالَ: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ:" نَعَمْ". قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَوَارَى. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. قَالَ مُبَشَّرُ ابن عُبَيْدٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّحْوِ وَالْعَرَبِيَّةِ: الْحَاجَّةُ الَّتِي تُقْطَعُ عَلَى الْحَاجِّ إِذَا تَوَجَّهُوا. وَالدَّاجَّةُ الَّتِي تُقْطَعُ عَلَيْهِمْ إِذَا قَفَلُوا. (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رحيما).
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً) لَا يُقَالُ: مَنْ قَامَ فَإِنَّهُ يَقُومُ، فَكَيْفَ قَالَ مَنْ تَابَ فَإِنَّهُ يَتُوبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَعْنَى مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَهَاجَرَ وَلَمْ يَكُنْ قَتَلَ وَزَنَى بَلْ عَمِلَ صَالِحًا وَأَدَّى الْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا، أَيْ فَإِنِّي قَدَّمْتُهُمْ وَفَضَّلْتُهُمْ عَلَى مَنْ قَاتَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَحَلَّ الْمَحَارِمَ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ الْأُولَى فِيمَنْ تَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلِهَذَا قَالَ:" إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ" ثُمَّ عُطِفَ عَلَيْهِ مَنْ تَابَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَتْبَعَ تَوْبَتَهُ عَمَلًا صَالِحًا فَلَهُ حُكْمُ التَّائِبِينَ أَيْضًا. وَقِيلَ: أَيْ مَنْ تَابَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُحَقِّقْ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، فَلَيْسَتْ تِلْكَ التَّوْبَةُ نَافِعَةً، بَلْ مَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَحَقَّقَ تَوْبَتَهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَهُوَ الَّذِي تَابَ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا، أَيْ تَابَ حَقَّ التَّوْبَةِ وَهِيَ النَّصُوحُ وَلِذَا أَكَّدَ بِالْمَصْدَرِ. فَ" مَتاباً" مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ التَّأْكِيدُ، كَقَوْلِهِ:" وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً" أَيْ فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ حقا فيقبل الله توبته حقا.
[سورة الفرقان (25): آية 72]
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ" أَيْ لَا يَحْضُرُونَ الْكَذِبَ وَالْبَاطِلَ وَلَا يُشَاهِدُونَهُ. وَالزُّورُ كُلُّ بَاطِلٍ زُوِّرَ وَزُخْرِفَ، وَأَعْظَمُهُ الشِّرْكُ وَتَعْظِيمُ الْأَنْدَادِ. وَبِهِ فَسَّرَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ. عكرمة: لعب