وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ:" يُضَاعَفُ. وَيَخْلُدُ" بِالرَّفْعِ فِيهِمَا عَلَى الْعَطْفِ وَالِاسْتِئْنَافِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ:" وَتَخْلُدُ" بِالتَّاءِ عَلَى مَعْنَى مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو" وَيُخْلَدُ" بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ تَحْتُ وَفَتْحِ اللَّامِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَهِيَ غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ. وَ" يُضاعَفْ" بِالْجَزْمِ بَدَلٌ مِنْ" يَلْقَ" الَّذِي هُوَ جَزَاءُ الشَّرْطِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مُضَاعَفَةُ الْعَذَابِ لُقِيُّ الْأَثَامِ. قَالَ الشَّاعِرُ: مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا وَقَالَ آخَرُ: إِنَّ عَلَيَّ اللَّهَ أَنْ تبايعا «1» تؤخذ كرها أو تجئ طَائِعَا وَأَمَّا الرَّفْعُ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَقْطَعَهُ مِمَّا قَبْلَهُ. وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى، كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: مَا لُقِيُّ الاثام؟ فقيل له: يضاعف له العذاب. و (مُهاناً) معناه ذليلا خاسئا مبعدا مطرودا.
إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً) لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَامِلٌ فِي الْكَافِرِ وَالزَّانِي. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَاتِلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي" النِّسَاءِ" «2» وَمَضَى فِي" الْمَائِدَةِ" «3» الْقَوْلُ فِي جَوَازِ التَّرَاخِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْتَدِلًّا بِهَذِهِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) قَالَ النَّحَّاسُ: مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يُكْتَبُ مَوْضِعَ كَافِرٍ مُؤْمِنٌ، وَمَوْضِعَ عَاصٍ مُطِيعٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: أَنْ يُبَدِّلَهُمُ