الثَّامِنَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَيْبَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ مَوْضِعَ الصَّدْرِ. وَكَذَلِكَ كَانَتِ الْجُيُوبُ فِي ثِيَابِ السَّلَفِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، عَلَى مَا يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ وَأَهْلُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ (بَابَ جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ) وَسَاقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيهُمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا ... (الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِكَمَالِهِ (?)، وَفِيهِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِأُصْبُعَيْهِ هَكَذَا فِي جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتُهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ (?). فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ جَيْبَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي صَدْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَنْكِبِهِ لَمْ تَكُنْ يَدَاهُ مُضْطَرَّةً إِلَى ثَدْيَيْهِ وَتَرَاقِيهِ. وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ حَسَنٌ. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) البعل هُوَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَدِيثِ جِبْرِيلَ: (إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بَعْلَهَا) يَعْنِي سَيِّدَهَا، إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ السَّرَارِيِّ بِكَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ، فَيَأْتِي الْأَوْلَادُ مِنَ الْإِمَاءِ فَتُعْتَقُ كُلُّ أُمٍّ بِوَلَدِهَا وَكَأَنَّهُ سَيِّدُهَا الَّذِي مَنَّ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ، إِذْ كَانَ الْعِتْقُ حَاصِلًا لَهَا مِنْ سَبَبِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. قُلْتُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَارِيَةَ: (أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا) فَنُسِبَ الْعِتْقُ إِلَيْهِ. وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ تَأْوِيلَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ- فَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ يَرَى الزِّينَةَ مِنَ الْمَرْأَةِ وَأَكْثَرَ مِنَ الزِّينَةِ إِذْ كُلُّ مَحَلٍّ مِنْ بَدَنِهَا حَلَالٌ لَهُ لَذَّةً وَنَظَرًا. وَلِهَذَا الْمَعْنَى بَدَأَ بِالْبُعُولَةِ، لِأَنَّ اطِّلَاعَهُمْ يَقَعُ عَلَى أَعْظَمِ مِنْ هَذَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ" (?) [المؤمنون: 6 - 5]. الْعَاشِرَةُ- اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ، عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا- يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ التَّلَذُّذُ بِهِ فَالنَّظَرُ أولى. وقيل: لا يجوز، لقول عائشة