تفسير القرطبي (صفحة 4656)

وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا

أَوْ تَكُونُ مَنْصُوبَةً بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أي أنل سُورَةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ حَالٌ مِنَ الْهَاءِ وَالْأَلِفِ وَالْحَالُ مِنَ الْمُكَنَّى يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عليه.

[سورة النور (24): آية 2]

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (?)

فِيهِ اثْنَانِ «1» وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- (قَوْلُهُ تَعَالَى:) (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) كَانَ الزِّنَى فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفًا قَبْلَ الشَّرْعِ، مثل اسم السرقة والقتل. وهو اسم لوطي الرَّجُلِ امْرَأَةً فِي فَرْجِهَا مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا شُبْهَةِ نِكَاحٍ بِمُطَاوَعَتِهَا. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: هُوَ إِدْخَالُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُشْتَهًى طَبْعًا مُحَرَّمٌ شَرْعًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَدُّ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي حَدِّ الزِّنَى وَحَقِيقَتِهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ لِآيَةِ الْحَبْسِ وَآيَةِ الْأَذَى اللَّتَيْنِ فِي سُورَةِ [النِّسَاءِ «2»] بِاتِّفَاقٍ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِائَةَ جَلْدَةٍ) هَذَا حَدُّ الزَّانِي الْحُرِّ الْبَالِغِ الْبِكْرِ، وَكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ الْبَالِغَةُ الْبِكْرُ الْحُرَّةُ. وَثَبَتَ بِالسُّنَّةِ تَغْرِيبُ عَامٍّ، عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمَمْلُوكَاتُ فَالْوَاجِبُ خَمْسُونَ جَلْدَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ «3» " [النساء: 25] وَهَذَا فِي الْأَمَةِ، ثُمَّ الْعَبْدُ فِي مَعْنَاهَا. وَأَمَّا الْمُحْصَنُ مِنَ الْأَحْرَارِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ دُونَ الْجَلْدِ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: يُجْلَدُ مِائَةً ثُمَّ يُرْجَمُ. وَقَدْ مَضَى هَذَا كُلُّهُ مُمَهَّدًا فِي [النِّسَاءِ] فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الثَّالِثَةُ- قَرَأَ الْجُمْهُورُ:" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي" بِالرَّفْعِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ" الزَّانِيَةَ" بِالنَّصْبِ، وَهُوَ أَوْجَهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَقَوْلِكَ: زَيْدًا اضرب. ووجه الرفع عنده:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015