تفسير القرطبي (صفحة 4623)

[سورة المؤمنون (23): الآيات 45 الى 48]

ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (45) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (46) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) تَقَدَّمَ «1». وَمَعْنَى (عالِينَ) مُتَكَبِّرِينَ قَاهِرِينَ لِغَيْرِهِمْ بِالظُّلْمِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ «2» " [القصص: 4] (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) الْآيَةَ، تَقَدَّمَ أَيْضًا. وَمَعْنَى (مِنَ الْمُهْلَكِينَ) أَيْ بِالْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ.

[سورة المؤمنون (23): آية 49]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يَعْنِي التَّوْرَاةَ، وَخُصَّ مُوسَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ فِي الطُّورِ، وَهَارُونُ خَلِيفَةٌ فِي قَوْمِهِ. وَلَوْ قَالَ:" وَلَقَدْ آتَيْنَاهُمَا" جَازَ «3» كَمَا قَالَ:" وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ «4» " [الأنبياء: 48].

[سورة المؤمنون (23): آية 50]

وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (50)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) 50 تَقَدَّمَ فِي" الْأَنْبِيَاءِ «5» " الْقَوْلُ فِيهِ. (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) 50 الرَّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ، وَقَدْ تقدم في" البقرة «6» ". والمراد بها ها هنا فِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِلَسْطِينُ. وَعَنْهُ أَيْضًا الرَّمْلَةُ «7»، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ سَلَامٍ: دِمَشْقُ. وَقَالَ كَعْبٌ وَقَتَادَةُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ. قَالَ كَعْبٌ: وَهِيَ أَقْرَبُ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ بِثَمَانِيَةِ عَشَرَ مِيلًا. قَالَ:

فَكُنْتُ هَمِيدًا تَحْتَ رمس بربوة ... تعاورني «8» ريح جنوب وشمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015