عَلَيْهِ. (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَسْطُونَ يَبْسُطُونَ إِلَيْهِمْ أَيْدِيَهُمْ. مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: أَيْ يَقَعُونَ بِهِمْ. الضَّحَّاكُ: أَيْ يَأْخُذُونَهُمْ أَخْذًا بِالْيَدِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَأَصْلُ السَّطْوِ الْقَهْرُ. والله ذو سطوات، أَخَذَاتٍ شَدِيدَةٍ. (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) أَيْ أَكْرَهُ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي تَسْمَعُونَ هُوَ النَّارُ. فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا الَّذِي هُوَ شَرٌّ، فَقِيلَ هُوَ النَّارُ. وَقِيلَ: أَيْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِمَّا يَلْحَقُ تَالِيَ الْقُرْآنِ مِنْكُمْ هُوَ النَّارُ، فَيَكُونُ هَذَا وَعِيدًا لَهُمْ عَلَى سَطَوَاتِهِمْ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ الْقُرْآنَ. وَيَجُوزُ فِي" النَّارُ" الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْخَفْضُ، فَالرَّفْعُ عَلَى هُوَ النَّارُ، أَوْ هِيَ النَّارُ. وَالنَّصْبُ بِمَعْنَى أَعْنِي، أَوْ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ مِثْلِ الثَّانِي، أَوْ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ أُعَرِّفُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارَ. وَالْخَفْضُ عَلَى الْبَدَلِ. (وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فِي الْقِيَامَةِ. (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أَيِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَصِيرُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ النَّارُ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ:" وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً". وَإِنَّمَا قَالَ:" ضُرِبَ مَثَلٌ" لِأَنَّ حُجَجَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ أَقْرَبُ إِلَى أَفْهَامِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ الْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ- قَالَ الْأَخْفَشُ: لَيْسَ ثَمَّ مَثَلٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى ضَرَبُوا لله مَثَلًا فَاسْتَمِعُوا قَوْلَهُمْ، يَعْنِي أَنَّ الْكُفَّارَ جَعَلُوا لِلَّهِ مَثَلًا بِعِبَادَتِهِمْ غَيْرَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلُوا لِي شَبِيهًا فِي عِبَادَتِي فَاسْتَمِعُوا خَبَرَ هَذَا الشبيه. الثَّانِي- قَوْلُ الْقُتَبِيِّ: وَأَنَّ الْمَعْنَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَثَلُ مَنْ عَبَدَ آلِهَةً لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَخْلُقَ ذُبَابًا وَإِنْ سَلَبَهَا الذُّبَابُ شَيْئًا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَسْتَنْقِذَهُ مِنْهُ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: الْمَعْنَى ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ مَثَلًا، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ، أَيْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ شبها